مقالات

حجاب المرأة في الإسلام

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

بسم الله الرحمن الرحيم

  الحمد لله وحده ، والصلاة ، والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله ، وصحبه ، ثمَّ أمَّا بعد :      

  أخي القارئ الكريم، أيتها المسلمة : لقد كرم الله المرأة في الإسلام بالحجاب الشرعي ، وشرفها به أعظم تشريف ؛ خوفاً عليها من أيدي العابثين ، وصيانةً لها من أعين المعتدين ، ولا شكَّ أنَّ كشف وجه المرأة أعظم فتنةً على الرجال ، وكم من نظرةٍ لامرأةٍ كاشفةٍ لوجهها أوردت الرجل المهالك ؛ ولذا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعَلِيٍّ رضي الله عنه : { يَا عَلِيُّ لَا تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ ؛ فَإِنَّ لَكَ الْأُولَى وَلَيْسَتْ لَكَ الْآخِرَةُ } رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وغيره ، وحسنه الألباني في التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان برقم 5544 

وفي المعجم الكبير للطبراني بإسنادٍ فيه ضعف : ( إِنَّ النَّظْرَةَ سَهْمٌ من سِهَامِ إِبْلِيسَ مَسْمُومٌ من تَرَكَهَا مَخَافَتِي أَبْدَلْتُهُ إِيمَانًا يَجِدُ حَلاوَتَهُ في قَلْبِهِ ) فلهذه الأحاديث وغيرها حرصت شريعتنا الاسلامية على وجوب ستر وجه المرأة المسلمة ، وتغطيته عن الرجال الأجانب حتى لا تتعرض للإيذاء في نفسها ، وحتى لا توقع غيرها في الإثم والفتنة بالنظر إليها .

   أخي القارئ الكريم ؛ وأختي القارئة الفاضلة : إليكم بعض النصوص الشرعية الآمرة بالحجاب الشرعي ؛ إمَّا تصريحاً أو تلميحاً لعلنا نتذكر بها عناية الإسلام بحجاب المرأة المسلمة كما عني بحقوقها الأخرى في حال حياتها وبعد وفاتها ؛ ولنتعرف بها على رحمة الله وفضله عليها إن هي قامت بهذا الواجب العظيم وهو الحجاب الشرعي الكامل بما فيه تغطية وجهها وكفيها :

  يقول الله تعالى : { وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ مَا ظَهَرَ مِنْها وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلى جُيُوبِهِنَّ وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاَّ لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبائِهِنَّ أَوْ آباءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنائِهِنَّ أَوْ أَبْناءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَواتِهِنَّ أَوْ نِسائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلى عَوْراتِ النِّساءِ وَلا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ } [ النور : 31 ] وقال تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا } [ الأحزاب : 59 ]

وعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : { لَمَّا نَزَلَتْ : يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ؛ خَرَجَ نِسَاءُ الْأَنْصَارِ كَأَنَّ عَلَى رُءُوسِهِنَّ الْغِرْبَانَ مِنَ الأَكْسِيَةِ } رواه أبو داود في سننه ، وصَّححه الألباني في غاية المرام برقم 483 وفي صحيح مسلم : { عَنْ أُمِّ عَطِيَّةَ رضي الله عنها قَالَتْ : أَمَرَنَا رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، أَنْ نُخْرِجَهُنَّ فِي الْفِطْرِ وَالْأَضْحَى : الْعَوَاتِقَ ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الْخُدُورِ ، فَأَمَّا الْحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ ، وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ ، وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ ، قُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ إِحْدَانَا لَا يَكُونُ لَهَا جِلْبَابٌ ، قَالَ : لِتُلْبِسْهَا أُخْتُهَا مِنْ جِلْبَابِهَا } وقال صلى الله عليه وسلم : { مَنْ جَرَّ ثَوْبَهُ خُيَلاَءَ لَمْ يَنْظُرِ اللَّهُ إِلَيْهِ يَوْمَ القِيَامَةِ ، فَقَالَتْ أُمُّ سَلَمَةَ : فَكَيْفَ يَصْنَعْنَ النِّسَاءُ بِذُيُولِهِنَّ؟ قَالَ : يُرْخِينَ شِبْرًا ، فَقَالَتْ : إِذًا تَنْكَشِفُ أَقْدَامُهُنَّ ، قَالَ : فَيُرْخِينَهُ ذِرَاعًا ، لاَ يَزِدْنَ عَلَيْهِ } رواه الترمذي في سننه ، وقال حديثٌ حسنٌ صحيح 

وعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ : { كَانَ الرُّكْبَانُ يَمُرُّونَ بِنَا ، وَنَحْنُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُحْرِمَاتٌ ، فَإِذَا حَاذَوْا بِنَا ، أَسْدَلَتْ إِحْدَانَا جِلْبَابَهَا مِنْ رَأْسِهَا عَلَى وَجْهِهَا ، فَإِذَا جَاوَزُونَا كَشَفْنَاهُ } رواه أبو داود في سننه ، وصحَّح الحديث الألباني في إرواء الغليل برقم 1024 إلى غير ذلك من الأدلة الشرعية الدالة على وجوب الحجاب الشرعي للمرأة ؛ ومنه تغطية الوجه والكفين عن الرجال الأجانب . 

   وهناك بعض الأدلة التي استدل بها بعض أهل العلم على جواز كشف الوجه للمرأة عن الأجانب ، ولكنَّها إمَّا نزلت قبل وجوب آيات الحجاب ، أو أنَّها أحاديث غير ثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم ؛ أو أنَّها ليس فيها ما يدل على جواز كشف الوجه والكفين للمرأة المسلمة أمام الأجانب .

  أخواتي المسلمات : احرصن على التمسك بدينكنَّ وحجابكنَّ الكامل ؛ فهو أغلى ما تملكونهنَّ في هذه الدنيا الفانية ؛ واحذرنَ من التقليد الأعمى ؛ والتشبه المقيت بغير المسلمات ؛ من التبرج والسفور ، ومن كلِّ ما فيه مخالفةٌ لإسلامكنَّ وإيمانكنَّ ما استطعتنَّ إلى ذلك سبيلاً ؛ فالخير كلّ الخير في شرع الله وأمره ، والشر كل الشر في مخالفة شرع الله ونهيه ، نسأل الله أن يحفظكنَّ من كلِّ شرٍّ وبلاءٍ ، وفتنة ومكروه ؛ وأن يجعلكنَّ قرة عينٍ لأهاليكنَّ ومجتمعاتكنَّ وبلادكنَّ ؛ وأن يرزقكنَّ الصديقات الطيبات الصالحات ، وأن يبعد عنكنَّ الرفيقات السيئات ، وأن يجنبكنَّ مواقع التواصل الاجتماعي الفاسدة المفسدة ، والقنوات الفضائية الضآلة المضلة ؛ إنَّه ولي ذلك والقادر عليه

. اللهم آمين .

حفظ الأمانات

.

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى