مقالات

نعم أقوياء..نقولها دون خجل

أميرة خطيري  المدينة المنورة 

أميرة خطيري  المدينة المنورة 

إختلف مفهوم القوة بزمننا هذا حيث أصبحت تكمن في الفردية والشتت ، وليس في الإتحاد والتضامن مع بعضنا البعض ، وأن نكتفي بذاتنا عن جميع من حولنا .

فأصبحنا نعيش في الآونة الأخيرة بمجتمعنا شعارات حديثة وعبارات قاتلة للإنسانية من وجهة نظري ، تلك التي نسمعها ونشاهدها من بعض مدربي تطوير الذات ومشاهير السوشل ميديا والتي تقول ( أنتم ،أنتن أقوياء دون الحاجة للآخرين ،إكتفوا بذاتكم ، وبرأيكم وفِكركم ومعيشتكم ، وتستطيعوا أن تكونوا بمفردكم ، ولستم بحاجة لأحد بجانبكم )

والتي حفظها وبدأ بتنفيذها بعض أبناء جيلنا الحديث وأصبحوا في إستغناء تام عن أهلهم وأقاربهم ،

ومن المؤسف أن نجد بعض الفتيات اليوم بمجتمعنا الإسلامي ، بدأن ينفردن للعيش بمنزلهم الخاص ( رغم أنهن لم يتزوجن ) ليستقلن بذاتهن ومع صديقاتهن وبكل إرتياح دون الشعور بالغربة من كونها ليست في كنف والديها أو تنتمي لبيت الطفولة وذكرياته الجميلة مع أفراد أسرتها التي لاتُعوض .

لا نُنكِر أمراً. وهو أن نسمع للآخرين (( أهل العلم والمعرفة والثقة )) ونستفيد من تجاربهم ، ولا أن نسمع للمشاهير وعامة الناس بمختلف بلدانهم ونتبعهم دون وعي  ، فلكل مجتمع له ثقافته وظروفه وعاداته المناسبة له .

والحقيقة : نحن أقوياء أولاً بمعية خالقنا الله هذا أمر لاشك فيه ، ولكن لانُنكر إحتياجنا لبعضا البعض مهما أمتلكنا من قوة المال أو السلطة أو الصحة أو المكانة الاجتماعية .

وتكمن أهم بنود السعادة في تجمع البشر بعضهم البعض وليس في بقاءهم وحيدين ، ولا ننسى أن هناك مرض يسمى بالتوحد  ، وهذا إثبات على أن الوحدة بالمطلق عِلة وليس أمر مُحبب أو صحي للنفس البشرية ، وعليه يجب التداوي منه ،

كما أن عند العقوبة المشددة للمجرم أن يُسجن بمفرده ، إضافة إن لإنتشار الإكتئاب والأمراض النفسية اليوم والتي من أكبر أسبابهما الوحدة والبعد عن الأهل وعدم مشاركتهم أوقاتهم ..فكل شي في هذه الحياة يرمز للثنائيات

فمثلا : نجد في المطاعم طاولة ذات المقعدان أو الثلاثة او …الخ ، ولا نجد طاولة بمقعد واحد ، وكثير من آيات الله في الكون نجدها تتمثل لنا  بهيئة الثنائي وليس الفردي .

كالشمس والقمر ، الليل والنهار ، سماء وأرض ، وفي أنفسنا لوجدنا أجسادنا خُلق كل شي فيها إثنين ( يدآن إثنين ورجلان وعينان وأذنان وشفتان ..الخ )

وقد أخبرنا نبينا وشفيعنا سيدنا محمد عليه السلام بذلك في الحديث الشريف بالنهي عن بعض السلوكيات الفردية ك المبيت والسفر بمفردنا (( لو يعلم الناس مافي الوحدة ماأعلمُ ، ماسار راكب بليلٍ وحده )).

وفي حديث آخر يحُثنا فيه على التكاتف والتآلف ( المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا ، وشبّك بين أصابعه ) .

ومن الجميل والحسن ، العزلة لبعض الوقت للتأمل ومحاسبة النفس ولصفو الذهن ، فذلك مطلب مهم لبقاء العقل والروح في صحة وسلام .

وبعد كل هذا نقولها وبصوتٍ عالٍ لكل أهلنا أو من تربطنا بهم صلة قرآبة أو صدآقة

نعم نحن أقوياء ، وبكم نكون أقوى ونحتاجكم بجانبنا ، ولتعلموا جيداً أن إحتياجنا لبعضا البعض ليس ضعفاً ، بل قوة عظيمة ومن الفطِرة السليمة

وننتظر منكم دوماً . كلمة . إبتسامة . نظرة . دعاء . 

 

أحلام مؤجلة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى