مقالات

صفحتك بيضاء ؟

بقلم: عبير بن صديق 

بقلم: عبير بن صديق 

كل صباحٍ هو صفحةٌ بيضاء،

لا تحمل أثر يومٍ مضى، ولا ظلّ غدٍ لم يأتِ بعد،

صفحةٌ تنتظر أن تلامسها يدك…

أن تكتب فيها ما تشاء،

أن ترسم ما يلائم روحك،

أن تلونها بالألوان التي تمنح الحياة معنى،

وتحوّل اللحظة العابرة إلى ذكرى تستحق البقاء.

وحين تصل إلى ذيل الصفحة—كما يصل المسافر إلى نهاية الطريق—قد تفاجئك الكتابة التي سقطت منك بلا وعي،قد تكتشف خطوطًا لم تقصد رسمها،

وأسطرًا تشبهك أكثر مما تظن.

وقد تنظر إلى الألوان التي اخترتها،

فتراها متناغمة تصنع جمالًا،

أو متنافرة تكشف اضطرابك…

أو ربما تراها مجرد محاولة لإنقاذ يومٍ لم تبدأه كما ينبغي.

وهنا يأتي السؤال الذي لا يهرب منه أحد:

هل ستكتفي بتأمل الصفحة… أم سترغب في تمزيقها؟

وإن مزقتها، فهل سيختفي أثرها من داخلك؟

هل تستطيع تمزيق ذاكرة كُتبت بالحبر لا بالقلم؟

وكم من الصفحات تمزقها كل يوم؟

وهل أصبحت الصفحات الممزقة… هي هوية كتاب حياتك؟

أم أنك أحيانًا لا تتنبه لكل هذا،

لا لما كتبت،

ولا لما رسمت،

ولا حتى للخطأ الأول في السطر الأول.

تمر الصفحة كما تمر سحابة خفيفة متناثرة

ويُطوى يومٌ لم يُعاش كما يستحق.

ومع ذلك…

تبقى الحقيقة البسيطة العميقة:

صفحاتنا خيارُنا.

نحن من نقرر لون الصباح،

نحن من نختار الكلمات التي تُقال،

والأفعال التي تُكتب،

والذكريات التي ستعيش معنا طويلًا.

نستطيع أن نتخذ قرار بالسعادة بالبهجة، ملونة بلطفنا،

نادرة بعطائنا،وممتلئة بما يجعلنا نعود إليها كلما احتجنا سببًا لنكمل.

إن خيارك في بداية اليوم—كلمةٌ، نيةٌ، خطوةٌ صغيرة— قد يكتب مخطوطة فريدة، يتمنى الآخرون لو يستطيعون نسخها…

لكن لا أحد يستطيع تقليد طريقة نورك حين يتسلل إلى الصفحة البيضاء.

فاختر صباحك…

واكتب بما يليق بروحك.

 

مرآة الروح

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى