مقالات

خطر الدُّخان

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

بسم الله الرحمن الرحيم

 الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله ، وصحبه ، ثمَّ أمَّا بعد :   

أخي القارئ الكريم : لقد انتشرت ظاهرة التدخين بأنواعه المختلفة في المجتمعات المسلمة، وللأسف الشديد بين صفوف الرجال والنساء ، والصغار والكبار ، والجهَّال والمتعلمين ، والله المستعان .

وإنَّ في الدُّخان أو الشيشة أضراراً كثيرةً ، لا عدَّ لها ولا حصر ؛ ويكفي واحداً منها في وجوب تركه والبراءة منه ؛ كيف وقد قال الله تعالى : ( وَأَنفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ۛ وَأَحْسِنُوا ۛ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ) ( البقرة : ١٩٥ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( لا ضَررَ ولا ضِرارَ ) رواه ابن ماجه في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح ابن ماجه برقم 1909 ؛ فأضرار الدُّخان كثيرةٌ جداً منها أضرارٌ دينية وغيرها ؛ ومن ذلك ما يلي :

كراهة المدخن لفعل الفضائل التي دعا إليها الإسلام ، ورغب فيها كالتبكير إلى صلاة الجماعة في المساجد ، وعدم رغبته في الجلوس إلى حلقات العلم ، وذلك دليلٌ على خبث هذا الشراب ، وقذارته ، ومنها استثقاله لفريضة الصوم ؛ لا سيما في الأيام الطويلة ، ومن باب أولى ألا يَحرِص المدخن على صيام النافلة .

ومن أضرار الدخان تبذير المدخن أمواله في شراء الدخان ؛ ولو ارتفع سعره ، وغلا ثمنه ؛ لأنَّه من جملة المخدرات التي تؤدي إلى التخدير والإدمان ، ففيه مادة النيكوتين والتي هي أعظم خطراً ، وأشد فتكاً من الزرنيخ ؛ فلو وضعت نقطةٌ واحدةٌ من النيكوتين على جلد أرنب لقضت على حياته ، ولو وضعت نقطتان منه على لسان قِطٍّ أو كلبٍ لمات من فوره ؛ ولو وضعت خمْسُ نُقطٍ من النيكوتين الموجودة في الدخان في فم جملٍ لقضت على حياته .

ومن أضرار التبغ الذي يوجد في الدُّخان أنَّه يتسبب في التهاب الحنجرة ، والقصبات الهوائية ، فيضيق بسببه النَّفس ، ويتسبب في مرض السل ، وغيره من الأمراض الصدرية .

ويتسبب الدخان في الاضطرابات الهضمية ، والتهابات المعدة ، والإصابات الكَبِدِية ، والضعف الجنسي ، وتصلب الشرايين الإكليلية ، وسرطان الرئة ، وسرطان الشفاه ، والتأثير على الكليتين ؛ وكل هذه الأمراض ، وغيرها ، والتي ذكرها الأطباء كلُّها تساهم في حدوث موت الفجأة ، والسكتات القلبية ، فكم هي الوفيات اليومية التي نسمع بها في العالم أجمع ، ومنها بلادنا السعودية حرسها الله ؛ والتي كان سببها الإدمان على الدخان ، والشيشة ، وسائر المخدرات ، والمسكرات ؛ فلذا يجب الكف عن تعاطي الدخان حفظاً لصحتنا ، وسلامةً لغيرنا ؛ من كلِّ داءٍ فتَّاك بالأنفس البشرية ؛ والتي سيسألنا الله عنها ، لأنَّ أنفسنا أمانة في أعناقنا ، فإن ضيعناها ، وأوردناها المهالك ؛ كنَّا ملومين ، ومحاسبين عنها ، وإن حافظنا عليها ، ورعيناها حقَّ رعايتها كان أجرنا عند الله عظيماً ، وثوابنا عند ربنا كبيراً ، والله المستعان .

ومن أضرار الدخان تلك التصرفات الرعناء ، والأخلاق السيئة التي تصدر من المدخنين حينما ينقطعون عنه بصيامٍ أو فقرٍ أو انعدامه ؛ وعدم توفره ، ومثله القات ، وسائر المخدرات ؛ والمسكرات ؛ قال الشيخ أحمد بن يحيى النجمي رحمه الله في القات :

فيضرب أطفالاً ويشتم زوجة

وجيرانه يرمي بشتى الجرائم

وشيطانه يُمسي به الليل لاعباً

يؤرقه إن نام يبلى بحاطم

متى حصَّلوا تخزينـــــةً طـــــاب عيشهــــــم

بحـــــلٍّ أتتــــــهـــــم أم بقبـــــــــح المآثم

أخي القارئ : ومن أضرار الدخان أنَّ رائحته كريهة تنبعث من أفواه ، وأبدان ، وثياب المدخنين – وغيرهم من متعاطي المخدرات ؛ والمفترات أو المنشطات – مما يجعل العقلاء من الناس ينفرون عن المدخنين ، وسائر المخدرات والمنشات ؛ويبتعدون عن مجالستهم ؛ قال الشيخ حافظ بن أحمد الحكمي رحمه الله :

آذيتموا ساكنين الأرضين فاحتملوا

فما أذاكم لأملاك السماوات

كذا الدخــــان بأنـــواع لــــه كثرت

وغير ذلك من نــوع الدنيـــئــــات

داءٌ عضــــالٌ ووهــــنٌ في القِـــوى ولهـــا

ريــــحٌ كريــــهٌ مُخِــــلٌّ بالمـــرؤوات

أخي القارئ الكريم : هل بعد هذه الأضرار من أضرار؟ وهل يمكن لعاقلٍ بعدها أن يستمر في شرب الدُّخان والإدمان عليه ، وسائر المخدرات ، والمفترات ؟ فلنترك الدخان ، وسائر المخدرات ، والمفترات والمسكرات طاعةً لله ، وابتغاءً للأجر من الله ، ولتسلم أبداننا ، وأموالنا ، وبيوتنا ، وأولادنا ، ومجتمعاتنا ، وبلادنا من شر الدُّخان وفساده ، وسائر المخدرات ، والمنشطات ، ولنحذر من رفقاء السوء الذين يهوِّنون علينا شأن الدُّخان وغيرها ، ولنبذل قصارى جهدنا للخلاص من آثار الدخان ، وسائر المخدرات بصحبتنا للأخيار ، ومراجعة المراكز الصحية المتخصصة التي تعيينا على الشفاء من آثار الدخان والإدمان عليه ، وسائر المخدرات والمفترات ، ولنستبدل الدخان بالسواك ، وسائر المطهِّرات ، ولنتأمل في قول القائل في الدخان ، ويقاس عليه سائر المخدرات : ” إنَّ شراباً لا نقول في أوله بسم الله ، ولا نقول في آخره الحمد لله ؛ فهو شرابٌ لا خير فيه ” نسأل الله تعالى أن يصلح أحوالنا ، وأن يعيننا على أنفسنا الأمارة بالسوء ، وأن يرزقها الاستقامة على الحقِّ ، حتى نلقى ربنا ، وقد غفر ذنوبنا ، وأعتق رقابنا من النار ، وأدخلنا الجنة مع الأبرار ؛ وحسن أولئك رفيقاً

. اللهم آمين .

 

 

الضرورات الخمس الكلية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى