معليييشش!


بقلم: نجلاء عمر بصفر
كلمة «معليش»! ماذا فعلنا نحن بهذه الكلمة؟
معليش هو كذا!
معليش، أنت الكبير!
معليش، أنت طيب!
معليش، هو اللي في قلبه على لسانه!
طيب… و«معليش» و«معليش» و«معليش»!
وكم من «معليش» دمّرت أنفسًا، وقتلت علاقاتٍ، وأرخت الستار على حقائقَ لأشخاصٍ سيئين، وكم قتلت فينا نحن أنفسنا!
تُرى، كيف تحوّلت هذه الكلمة إلى ذريعة تُستخدم في غير موضعها؟
هل تُقال كلمة «معليش» من باب الميَانة؟
أم من باب تمرير أخطاء الآخرين المقرّبين؟
أم من باب التقليل من شأن البعض؟
أم من باب تحميل الأخطاء لغير أصحابها؟
أعطوني مبررًا لاستخدام كلمة «معليش»!
أم أنها تُقال من باب التعدّي على الآخرين، وعلى حرياتهم، واستنزاف طاقاتهم الجميلة؟
نعم، هذه الكلمة طالما قتلت سُمعةً، وأسدلت الستار على حقائق، واستولت على مكانات، وألقت بأنفسٍ بريئة في مكبّ النفايات!
وهم يعلمون جيدًا أن هناك قتلًا معنويًا وشعوريًا ومكانيًا من الدرجة الأولى، وأن داخل الأنفس المادية أنفسًا جوهرية عظيمة، مليئة بالعُمق والجمال والعلاقات والسمعة والمشاعر والصحة النفسية، وقلبٍ وطموحٍ وحبٍ للحياة.
يختبئ أولئك خلف كلمة «معليش»، وهي الشماعة الجديدة التي يعلّق عليها المتستّرون خطاياهم — وليست مجرد أخطاءٍ عابرة، بل خطايا عظيمة تمسّ الإنسان في أعظم ما يملك.
كفاكم تمسّكًا، وكفاكم تلاعبًا بالألفاظ، فكل نفسٍ تضجّ بما يكفيها.
فلا تكونوا — من خلال هذه الكلمة — محامين عن أناسٍ هم أقرب ما يكونون إلى الابتلاءات البشرية، وأقرب إلى السُموم البشرية، وأبعد ما يكونون عن الآدمية، لأن الآدمية هي الإنسانية.
توقفوا عن تغذية أجيالكم بتغذيةٍ راجعةٍ عَطِلة.
والحقُّ أقول: لم يعد هناك، ولن يكون، حقٌّ وراء كلمة «معليش»؛ فهي كلمةُ حقٍّ يُراد بها باطل.
إنها الكلمة التي فتحت طريقًا للسيئين، ومهّدت دربًا للمتجاوزين، وجعلت لهم أذرعًا بشريةً وأدواتٍ يدمّرون بها غيرهم.
فتوقفوا عنها.
ثقافة «معليش»… فلنتوقف عنها، ولنَدَع الكلمات في حالها.
«معليش» الأخيرة،
أقدّم اعتذاري لكِ أيتها الكلمة،
وأقدّم اعتذاراتي الخجِلة لكل الكلمات التي استُخدمت في غير موضعها.
وشكرًا لكل من تفهّم، وفهم برُقيّ فهمه.
ودمتم بودّ