مستقبل القيادة النسائيه في عالم متغير

بقلم الكاتبة : حنان سالم باناصر
في عالم يموج بالتحولات وتتصاعد فيه التحديات، يبرز مستقبل القيادة النسائية كمساحة واعدة تعيد تشكيل مفهوم القيادة بمنظور يستند إلى قيم راسخة وقدرة عالية على التكيف. فالإسلام قدّم منذ بداياته نموذجاً متوازناً لهذا الدور، من خلال شخصيات نسائية صنعت حضورها بالتأثير والحكمة، مثل السيدة خديجة رضي الله عنها التي أدارت تجارتها بثبات واقتدار وكانت سنداً للدعوة في لحظات التأسيس، والسيدة عائشة رضي الله عنها التي شكّلت مرجعاً علمياً فريداً استقى منه كبار الصحابة، فبقي أثرها العلمي متصلاً عبر الزمن. كما أن مبدأ الشورى الذي أرسته الآية الكريمة “وأمرهم شورى بينهم” يفتح أبواب المشاركة لصاحبات الرأي والعلم في شؤون المجتمع، فيما يعمّق وعد الاستخلاف مفهوم الدور الفاعل للمؤمنات العاملات في نهضة الأرض وعمارتها.
ومع تشابك المسؤوليات في عصر اليوم، تجد القيادة النسائية نفسها أمام تحديات تتطلب مزيجاً من المرونة والاتزان، مستندة إلى قيم تمنحها القدرة على مواجهة التحول دون فقدان البوصلة. فالمعادلة تبدأ من الاجتهاد في تحقيق التوازن بين الأدوار وفق مبدأ “لا يكلف الله نفساً إلا وسعها”، مروراً بالتمسك بالهوية في زمن العولمة، وصولاً إلى تقديم الرد العلمي المتزن على التصورات المغلوطة من خلال إبراز النماذج النسائية القيادية في تراثنا الإسلامي. ومن هنا، يصبح مستقبل القيادة النسائية ليس تقليداً لنماذج أخرى أو انكفاءً على الماضي، بل عودة ذكية ومؤصلة إلى الدور المتوازن الذي أراده الله للمرأة: قيادة تُبنى على بصيرة، وتجمع بين الحكمة والقوة، وتُسهم في بناء المجتمع دون أن تنفصل عن جذورها وقيمها


