توبةٌ في ظل النبوّة

بقلم: د.لينة حسن عزوز
في الهدي النبوي الرصين ؛ إلهامات منقطعة النظير ، وإشارات ضوئية براقة تلهم البشرية وتفتح لها الآفاق السيكلوجية الحسنة للتمكن من تحفيز البشر وتقديم التوصيات لهم باتجاهات فنية راقية ؛ ومِن ذلك
أنَّ رسولَ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ أُتِيَ برجُلٍ قد شرِبَ ، فأقاموا عليه حد الشرب ، فلمَّا انصرفَ بعد استيفاء الحد الشرعي عليه، قالَ بعضُ القومِ أخزاكَ اللَّهُ، فقالَ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ: لا تقولوا هكذا لا تُعينوا عليهِ الشَّيطانَ .
وفي روايةٍ عند البُخاريِّ: «لا تَكونوا عَوْنَ الشَّيطانِ على أخيكم» .
حقا كفوا عن الدعاء عليه، توقفوا عن تهشيم توبته، ذروا ماضيهِ وراء ظهوركم، وكونوا رحماء لطفاء أصفياء أنقياء، وقد أحسنَ الله به وتاب عليه، وقد منّ عليه ملك الملوك بإتيانه تائباً راجعاً صادقاً، قد أُقيم عليه الحدّ تصفية وتنقية وتخلية، ماأحسن اللين والإحسان والصدق والتحنان!
لفتة مختلفة ومعالجة دافئة وسياق مثالي ،لا تداخل في الأشياء ولا تطفيف في المكيال والميزان ..
إن إقامة حدّ الشرع شيء، والإنسان بعد التوبة والتصفية شيء ..!
لقد نظر إليه النبي الكريم من منظور بعيد المدى، واستشرف فيه مستقبل الخير بعد التوبة.. حيث أراد تهيئة قوامه وتحسين مداركه لاستكمال المسير والتأقلم مع التحديث الجديد ؛ والنهوض من لحظة التعثر إلى عالم علويّ مقدس ؛ بدعاءٍ صادقٍ أمين
ادعوا لأخيكم، أضيئوا عتمة روحه، أزيلوا عنه الأوجاع، اغسلوه من درَن المعصية بعذب أدعيتكم ..
وكفانا دعاءً على بعضنا البعض؛ فالأمر أيسر مما نتخيل ؛ ما أسعد البدايات الجديدة، بالتوبة والنقاء!
ما أعز النفس حين تنفض عنها غبار المعصية وتمشي في مناكب الأرض بحُلة التوبة القشيبة الزاهية، وما أحسن النفس حين تتوب وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: ” والتوبةُ تَجبُّ ما كان قبلَها”
أهلاً بإنسان التوبة الجديد ؛ وصلى الله على سيدنا محمد بن عبد الله ؛ قوموا فموتوا على ما مات عليه.



