الِاسْتِثْمَارُ فِي الْأَبْنَاءِ


بقلم الكاتبة : نوف سالم باناصر
إِنَّ أَعْظَمَ اِسْتِثْمَارٍ يَبْقَى أَثَرُهُ لَنَا بِإِذْنِ اللهِ، هُوَ أَنْ نَسْتَثْمِرَ فِي عُقُولِ صِغَارِنَا، مِنْ تَعْلِيمٍ وَتَطْوِيرٍ، بِاكْتِسَابِ لُغَاتٍ مُخْتَلِفَةٍ، أَوْ مَهَارَاتٍ تَعْلِيمِيَّةٍ، أَوْ أَنْشِطَةٍ رِيَاضِيَّةٍ، وَاكْتِشَافِ مَوَاهِبَ جَدِيدَةٍ.
وَقَدْ وَرَدَتْ مَقُولَةٌ مَأْثُورَةٌ تُنْسَبُ إِلَى السَّلَفِ، تُقَالُ فِيهَا:
“عَلِّمُوا أَوْلَادَكُمُ السِّبَاحَةَ وَالرِّمَايَةَ وَرُكُوبَ الْخَيْلِ.”
وَلَوْ بَحَثْنَا فِي هَذِهِ الْهِوَايَاتِ الَّتِي ذُكِرَتْ فِي الْمَقُولَةِ، لَوَجَدْنَاهَا مَهَارَاتٍ تُقَوِّمُ شَخْصِيَّةَ الطِّفْلِ وَتَجْعَلُهُ قَائِدًا مُتَحَكِّمًا فِي زِمَامِ الْأُمُورِ.
فَلْنَتَخَيَّلْ سَوِيًّا طِفْلًا صَغِيرًا يَسْتَطِيعُ السَّيْطَرَةَ عَلَى الْخَيْلِ وَيَقُودُهُ مِنْ لِجَامِهِ، أَلَنْ يَكُونَ قَادِرًا عَلَى حِينَ يَكْبُرُ أَنْ يَرْأَسَ قِيَادَةَ فَرِيقٍ؟ بَلْ وَأَكْثَرَ!
وَكَذَلِكَ السِّبَاحَةُ تُقَوِّي شَخْصِيَّةَ الطِّفْلِ بِتَغَلُّبِهِ عَلَى مَخَاوِفِهِ، وَتُكْسِبُهُ الصَّبْرَ وَالْمَرُونَةَ، وَكَمَا أَنَّ الرِّمَايَةَ تُعْطِيهِ إِحْسَاسًا بِالْقُوَّةِ.
كُلُّهَا مَهَارَاتٌ تُنَمِّي وَتُقَوِّي شَخْصِيَّةَ الطِّفْلِ، مِنْ طِفْلٍ عَادِيٍّ إِلَى قَائِدٍ صَغِيرٍ بِإِمْكَانَاتِ قَائِدٍ كَبِيرٍ – بِإِذْنِ اللهِ.
وَلَا نَغْفَلُ عَنْ إِكْسَابِ الطِّفْلِ الْمَهَارَاتِ الْأَسَاسِيَّةَ الَّتِي تَنْفَعُهُ فِي مُسْتَقْبَلِهِ عَلَى الصَّعِيدَيْنِ الدِّرَاسِيِّ وَالْمِهْنِيِّ، وَعَلَى الْمُسْتَوَى الشَّخْصِيِّ كَبَرَامِجِ الْحِسَابِ الْخَاصَّةِ بِالْأَطْفَالِ، وَكَذَلِكَ الرِّيَاضَاتُ الْبَدَنِيَّةُ الَّتِي تُسَاعِدُ الطِّفْلَ عَلَى الْحَرَكَةِ وَالِابْتِعَادِ عَنِ الْأَجْهِزَةِ وَالشَّاشَاتِ، كَأَيِّ رِيَاضَةٍ حَرَكِيَّةٍ مُحَبَّبَةٍ إِلَيْهِ، مِنْ كُرَةٍ أَوْ قَدَمٍ أَوْ سَلَّةٍ أَوْ جِمْبَازٍ أَوْ فُنُونِ الدِّفَاعِ عَنِ النَّفْسِ كَالْكَرَاتِيهْ أَوِ التَّكْوَانْدُو.
وَلَا نَنْسَى الِاسْتِثْمَارَ الْأَعْظَمَ فِي تَعْلِيمِهِمُ الْقُرْآنَ وَحِفْظِهِ وَتَعَلُّمِ قِصَصِهِ، لِيَكْسِبُوا الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ بِإِذْنِ اللهِ، وَيُلْبِسُوا أَبَوَيْهِمْ تَاجَ الْكَرَامَةِ.
هَلْ تَتَّفِقُونَ مَعِي أَنَّ أَعْظَمَ اِسْتِثْمَارٍ هُوَ فِي أَبْنَائِنَا؟