القائدُ المُلهِمُ


ا. نوف سالم باناصر
في زمنٍ قلَّت فيه النماذجُ التي تُلهِمُ الأجيال، يَبرزُ اسمُ الأستاذ حمدان العُويضي، كأحدِ أولئك القادة الذين لا يكتفونَ بالإدارة، بل يُمارِسون القيادةَ بمعناها الإنسانيِّ العميق.
قائدٌ يؤمنُ بأنَّ التربيةَ رسالةٌ قبل أن تكونَ وظيفة، وأنَّ التعليمَ يبدأُ من القدوةِ قبلَ المِنصَّة.
تراهُ كلَّ صباحٍ يَستقبِلُ أبناءَه الطُّلّابَ والطّالباتِ أمامَ بوّاباتِ المدرسةِ، بابتسامةِ أبٍ ومهابةِ قائدٍ، يطمئنُّ على دخولِهم، ويتأكّدُ مِن سلامتهم، ويُشرفُ بِنفسِه على التفاصيلِ الصغيرةِ التي تصنعُ الأثرَ الكبير.
هو لا يُوجِّهُ من بعيد، بل يَعملُ جنبًا إلى جنبٍ مع فريقِه، حاملاً خُلقَ التواضُعِ في قلبِه، وإيمانًا بأنَّ القائدَ الحقيقيَّ هو من يكونُ أوّلَ العاملين وآخرَ المغادرين.
حتى في أدقّ الأمور، كحَملِ الحقائبِ الثقيلةِ، وَجَّهَ بتخصيصِ موظفينَ لمساعدةِ الطُّلّابِ، لأنَّه يرى في راحتِهم مسؤوليّةً أبويّةً قبل أن تكونَ إداريّة.
لم يكتفِ ببناءِ بيئةٍ تعليميةٍ آمنة، بل سعى لزرعِ قِيَمٍ إنسانيّةٍ ودينيّةٍ متأصّلةٍ في نفوسِ طلّابِه، فأسّس برامجَ دوريّةً تُعزِّزُ البرَّ، والاحترامَ، والعملَ الجماعيَّ، وروحَ المبادرة.
كما يُدرِّبُ الأشبالَ بِنفسِه على الخطابةِ وفنِّ الإلقاءِ في الإذاعةِ المَدرسيّة، لِيُخرِجَ جيلاً واثقًا يُتقنُ التعبيرَ عن أفكارِه بثقةٍ ومسؤولية.
كما أطلقَ مبادرةَ “غِراسِ الأمل”، حيث يزرعُ الطُّلّابُ الورودَ في أرجاءِ المدرسةِ بإشرافِه ودعمِه، لتُزهرَ القِيَمُ كما تُزهرُ الأرضُ بالخيرِ والعطاء.
إنَّه قائدٌ لا يُدرِّسُ القِيَمَ بالكلمات، بل يُجسِّدُها بالأفعال.
يُلهِمُ زملاءَه قبلَ طُلّابِه، ويزرعُ في كلِّ من حولَه الإيمانَ بأنَّ التعليمَ رسالةُ حياةٍ لا مهنة.
تَحيَّةُ إجلالٍ وتقديرٍ لهذا القائدِ المُلهمِ، الذي شكل صَرحًا يُشبِهُه في رؤيتِه، ويُشبِهُ رسالتَه في عطائِها.
نسألُ اللهَ أن يُبارِكَ في جهودِه، وأن يجعلَ عطاءَه نُورًا يمتدُّ أثرُه في الأجيالِ القادمة.