مقالات

وجوب اتباع منهج السلف

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

بسم الله الرحمن الرحيم

     أخي القارئ الكريم : إنَّ المنهج الحق الذي يجب اتباعه ؛ هو العمل بكتاب الله عز وجل ؛ وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ؛ والسير فيهما على منهج السلف الصالح ؛ عقيدةً ، وعبادةً ، ومعاملةً ، وأخلاقاً ، وسلوكاً ؛ وعلى رأس السلف الصالح صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رضوان الله تعالى عليهم جميعاً ، الذين شاهدوا تنزل الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم ، وفهموا نصوص القرآن والسنة ؛ فهماً صحيحاً ؛ لكونهم عرباً خلَّصاً نزل القرآن والسنة بلغتهم ولسانهم ، وما أشكل عليهم منهما ؛ سألوا عنه نبيهم صلوات الله وسلامه عليه ، فحفظوا لنا كتاب ربنا ، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ، حفظاً قوياً متقناً في قلوبهم ، وطبقوه بأفعالهم ؛ لئلا يضيع هذا الدين العظيم ؛ الذي ورثوه من نبيهم صلى الله عليه وسلم ، وصدق الله تعالى إذ يقول : ( إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ )( الحجر : 9 ) ومن حفظ الله للإسلام أن بلَّغه صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم من بعدهم ، فورثه عنهم التابعون ، وتابعو التابعين ، والعلماء من بعدهم جيلاً بعد جيل إلى أن وصل إلينا الدين الإسلامي غضاً طريَّا ؛ فرضي الله عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ؛ ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين ، ولذا وجب اتباع منهج السلف الصالح ؛ فهم الفرقة الناجية ؛ والطائفة المنصورة ؛ وأهل السنة والجماعة ؛ والسلفيون الصادقون في سلفيتهم في كلِّ زمانٍ ومكان ، وعدَّ من خالف منهجهم ؛ من أهل الفسق والبدعة والضلالة ، والذين ينالهم من الوعيد ما ينالهم بحسب مخالفتهم للكتاب والسنة ؛ وما عليه سلفنا الصالحون .

وإليك أخي القارئ الكريم جملةً من النصوص الشرعية ، والآثار السلفية ؛ التي تحث على اتباع السلف من الصحابة ، ومن تبعهم بإحسان إلى أن يرث الأرض ومن عليها ؛ وهو خير الوارثين :

قال الله تعالى : ( وَمَن يُشَاقِقِ الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُ الْهُدَى وَيَتَّبِعْ غَيْرَ سَبِيلِ الْمُؤْمِنِينَ نُوَلِّهِ مَا تَوَلَّى وَنُصْلِهِ جَهَنَّمَ ۖ وَسَاءَتْ مَصِيرًا )( النساء : ١١٥ ) وقال تعالى : { وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ۚ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ )( التوبة : ١٠٠ ) وقال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ) ( الأنعام : 159 ) وقال تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ ) ( الأنعام : 153 ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( فإنَّه من يعِشْ منكم بعدي ؛ فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي ، وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين تمسّكوا بها ، وعَضّوا عليها بالنواجذِ ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ ؛ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم 4607 وقال صلى الله عليه وسلم : ( ستفترقُ أمَّتي على ثلاثٍ وسبعينَ ملَّةً ، كلُّهم في النَّارِ إلَّا ملَّةً واحِدةً ، قالوا : مَن هيَ يا رسولَ اللَّهِ ؟ قالَ : ما أَنا علَيهِ ، وأَصحابي ) رواه الترمذي في سننه ؛ وحسَّنه الألباني في صحيح الترمذي برقم 2641 وقال صلى الله عليه وسلم : ( يَحْمِلُ هَذَا الْعِلْمَ مِنْ كُلِّ خَلَفٍ عُدُولُهُ يَنْفُونَ عَنْهُ تَحْرِيفَ الْغَالِينَ ، وَانْتِحَالَ الْمُبْطِلِينَ ، وَتَأْوِيلَ الْجَاهِلين ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ في سننه ، وصحَّحه الألباني في مشكاة المصابيح برقم 51 ، وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه ؛ قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( خَيْرُ النَّاسِ قَرْنِي ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُمْ ؛ فَلَا أَدْرِي فِي الثَّالِثَةِ أَوْ فِي الرَّابِعَةِ قَالَ : ثُمَّ يَتَخَلَّفُ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ ، تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِمْ يَمِينَهُ ، وَيَمِينُهُ شَهَادَتَهُ ) رواه البخاري ، ومسلم ؛ قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : ” مَنْ كَانَ مُسْتَنًّا فَلْيَسْتَنَّ بِمَنْ قَدْ مَاتَ ، أُولَئِكَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، كَانُوا خَيْرَ هَذِهِ الأُمَّةِ ، أَبَرَّهَا قُلُوبًا ، وَأَعْمَقَهَا عِلْمًا ، وَأَقَلَّهَا تَكَلُّفًا ، قَوْمٌ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَنَقْلِ دِينِهِ ، فَتَشَبَّهُوا بِأَخْلاقِهِمْ ، وَطَرَائِقِهِمْ ؛ فَهُمْ كَانُوا عَلَى الْهَدْيِ الْمُسْتَقِيمِ ” وقال أيضاً : ” اتبعوا ، ولا تبتدعوا ، فقد كفيتم ، كل بدعة ضلالة ” وقال الأوزاعي رحمه الله : ” اصبر نفسك على السنة ، وقف حيث وقف القوم ، وقل بما قالوا ، وكفَّ عما كَفُّوا عنه ، واسلك سبيل سلفك الصالح ، فإنَّه يسعك ما وسعهم ” وقال أيضاً : ” عليك بآثار السلف ، وإن رفضك الناس ، وإيَّاك ورأي الرجال ؛ وإن زخرفوه لك بالقول ، فإن الأمر ينجلي ، وأنت منه على طريقٍ مستقيم ” وقال الإمام مالك بن أنس رحمه الله : ” لن يصلُح آخرُ هذه الأمَّة إلاَّ بما صلح به أوَّلُها ” وقال الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله : ” إنَّ الله جَلَّ ثناؤه ، وتقدَّست أسماؤه بعث محمدًا نبيَّه صلى الله عليه وسلم – بالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ – وأنزل عليه كتابه فيه الهدى والنور لمن اتبعه ، وجعل رسوله صلى الله عليه وسلم ؛ الدالّ على معنى ما أراد من ظاهره وباطنه ، وخاصِّه وعامِّه ، وناسخه ومنسوخه ، وما قصد له الكتاب ؛ فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو المعبِّر عن كتاب الله ، الدالِّ على معانيه ، شَاهَدَهُ في ذلك أصحابه ، من ارتَضَاهُ الله لنبيه ، واصطفاهُ لَهُ ، ونَقَلوا ذلك عنه ، فكانوا هُم أعلَم الناسِ برسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبما أخبر عن معنى ما أراد الله من ذلك بمُشاهَدَتِهِم ما قَصَد لَه الكتاب ، فكانوا هم المُعَبِّرين عن ذلك بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ” وقال الإمام ابن أبي زيد القيرواني : ” واللجأ إلى كتاب الله عز وجل ، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ، واتباع سبيل المؤمنين ، وخير القرون من خير أمةٍ أخرجت للناس نجاة ، ففي المفزع إلى ذلك العصمة ، وفي اتباع السلف الصالح النجاة ” وقال الإمام أبو القاسم اللالكائي : ” أمَّا بعد : فإنَّ أوجب ما على المرء معرفة اعتقاد الدين ، وما كلَّف الله به عباده من فهم توحيده ، وصفاته ، وتصديق رسله بالدلائل ، واليقين ، والتوصل إلى طرقها ، والاستدلال عليها بالحجج ، والبراهين ، وكان من أعظم مقولٍ ، وأوضح حجةٍ ، ومعقول ، كتاب الله الحق المبين ، ثم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وصحابته الأخيار المتقين ، ثم ما أجمع عليه السلف الصالحون ، ثم التمسك بمجموعها ، والمقام عليها إلى يوم الدين ، ثم الاجتناب عن البدع ، والاستماع إليها مما أحدثها المضلون ” وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله : ” فالسعيد من تمسك بما كان عليه السلف ، واجتنب ما أحدثه الخلف ” .

وأخيراً أخي القارئ أنَّ بلادنا المملكة العربية السعودية سارت على هذا المنهج القويم ولله الحمد والمنة ؛ منذ تأسيس هذه البلاد على يد جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود رحمه الله ؛ وسار أبناؤه من بعده على هذا المنهج السلفي الصحيح ؛ وقد قال الملك عبدالعزيز رحمه الله : ” إنني رجل سلفي , وعقيدتي هي السلفية التي امشي بمقتضاها على الكتاب والسنة ” ويقول أيضاً : ” يقولون إننا وهابية , والحقيقة إننا سلفيون ؛ ومحافظون على ديننا , نتبع كتاب الله , وسنة رسوله , وليس بيننا وبين المسلمين إلا كتاب الله ، وسنة رسوله ” .

نسأل الله أن يرزقنا وإياكم العمل بكتاب ربنا ، وسنة نبينا صلى الله عليه وسلم ؛ وما كان عليه سلفنا الصالحون ؛ وأن يجمعنا بهم ، وبالصالحين من عباده في جنات النعيم ، وأن يقينا واياهم عذاب القبر والجحيم ، ووالدينا ، ووالديهم ، وجميع المسلمين . اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى