مقالات

يونس… وبطن الحوت

بقلم الكاتبة: رجاء الطويل

بقلم الكاتبة: رجاء الطويل

كُلُّنا نَخوضُ ونَغوصُ في بَحرِ الحَياة… ننجو، نَغرق، أو يبتلعنا الحوت.
قِصَّةُ يُونس عليهِ السلام ليست مجرد حكاية نبي التقمه الحوت، بل حِكمة تُذكّرنا أن النور يولدُ من رحم الظلمة، وأنّه لولا التّسبيح للبَثّ في بطنه إلى يوم يُبعَثون.
كُلُّنا يُونس بطريقةٍ ما… نَغضب، نُخطئ، نَهرب… فيلتهمنا الحوت الذي قد يكون ذنبًا عالقًا، أو شهوةً غالبة، أو حزنًا مقيمًا.
{وَزُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ}
هذه الآية تجمع كل شهوات الدنيا، وتُذكّرنا أن الزينة ليست غاية، بل امتحان يبيّن مدى ثباتنا أمام السقوط في بطن الحوت.
{كُلُّ ابْنِ آدَمَ خَطَّاءٌ وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ}
ولأن الله كتب على ابن آدم الخطأ، فلا نُلام إن ابتلعنا الحوت، بقدر ما نحن مأمورون ألا نقيم في بطنه طويلاً.
كل الشهوات بطنُ حوت، لن نخرج منه إلا إذا اعترفنا بوجودنا داخله، وتنبهنا لطريقة الخروج:
{فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ}
طريقة الخروج:
{لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}
هذا هو المخرج
… صوت لم يسمعه أهل الأرض، وصل إلى خالق السموات والأرض، فكان الخلاص

تختلف الحيتان، لكن سبيل الخلاص واحد: الاعتراف والتسبيح.
هنا تبدأ رحلة العودة، وتُفتح بوّابات الخروج.
سبح كما سبح يُونس، ولا تَقْبَع في الظلمات ساكنًا… فالله الذي أخرج نبيه من بطن الحوت، قادر أن يخرجك من ظلمة نفسك وضيق صدرك مهما عظُم.
واعلم أن الحوت أُرسل ليوقظك بنداء خفي، يُعلّمك أنّك ابتعدت… فعد.
والله لا يردُّ عبدًا دعاه وناجاه.
وها قد علمت طريق الخروج…
فهل عرفت في بطن أيّ الحيتان تمكث؟

 

24 ساعة لماذا ينجح البعض ويفشل اخرون؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى