“المِنيحة”.. إرثٌ يُجسِّد الكرم والتكافل في الحدود الشمالية

متابعات
في عمق الصحراء وبين كثبان الرمال، تبرز “المِنيحة” بصفتها واحدة من أروع صور الكرم والتكافل الاجتماعي التي لا تزال حيّة في ذاكرة أبناء منطقة الحدود الشمالية، هذه العادة البدوية الأصيلة تجسّد معاني العطاء غير المشروط وروح التعاون التي ميّزت حياة البادية على مر العصور.

تقوم فكرة “المِنيحة” على منح صاحب الماشية – سواءً من الإبل أو الغنم- ناقة أو شاة لأحد المحتاجين، ليرتوي من لبنها ويُطعم أسرته، دون أن يمتلكها ملكية دائمة.
وتُمنح “المِنيحة” غالبًا لمدة عام، يُتاح خلالها للمستفيد الاستفادة من حليبها ومشتقاته، وصوفها أو وبرها، وحتى نسلها، مع شرط ألا تُذبح، وتُعاد في نهاية المدة إلى صاحبها.
وقد مثّلت هذه العادة على مدى التاريخ صمام أمان للمجتمع البدوي في أوقات الشدة والقحط، وكانت مقياسًا للكرم، حيث يُعرف الكريم بمن يمنح ويواسي، لا بمن يملك فقط.
ويؤكد عدد من كبار السن في المنطقة أن هذه الممارسة لا تزال قائمة في بعض المجتمعات البدوية، خاصة في موسم الربيع، حين تتوفر المراعي وتُتاح الخيرات، مما يسهّل مشاركة الخير دون مشقة.
من جهته، أشار رئيس النادي الأدبي والثقافي بمنطقة الحدود الشمالية، ماجد المطلق، إلى أن “المِنيحة” تُمثل أحد أوجه التكافل الاجتماعي العريقة لدى البادية، حيث يبادر أفراد القبيلة بمساعدة الأسر المحتاجة، كلٌ بما يستطيع، في مشهد يعبّر عن التراحم والتآزر الحقيقي.
وتظل هذه العادة شاهدًا حيًا على نقاء القيم التي توارثها أبناء البادية جيلًا بعد جيل، حيث لم يكن الكرم صفة عابرة، بل سلوكًا يوميًا يعيشه الناس بصدق وإخلاص.



