أهمية الاستغفار وفضله


بقلم : حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله ، وصحبه ، ثمَّ أمَّا بعد :
أخي القارئ الكريم : إنَّ الاستغفار معناه طلب التوبة والمغفرة من الله عما بدر من التقصير في المأمور ، أو الوقوع في شيء من المحظور ؛ وكم في الاستغفار من فضلٍ وأهميةٍ في الدنيا والآخرة ؛ وسأورد لك هنا جملةً من النصوص الشرعية ، والآثار السلفية التي تدل على أهمية الاستغفار وفضله ؛ منها ما يلي :
قال الله تعالى : ( وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ * وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُواْ أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُواْ اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُواْ لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلاَّ اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّواْ عَلَى مَا فَعَلُواْ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُوْلَئِكَ جَزَآؤُهُم مَّغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ ) ( آل عمران : 133 – 136 ) وقال تعالى : ( فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كانَ غَفَّاراً * يُرْسِلِ السَّماءَ عَلَيْكُمْ مِدْراراً * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهاراً ) ( النساء 10 – 12 ) وقال تعالى : ( وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ ) ( هود : 52 ) وقال تعالى : ( وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتاعاً حَسَناً إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى وَيُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَه وَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنِّي أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ كَبِيرٍ ) ( هود : 3 ) وقال تعالى : ( لَوْلا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [ ( النمل : 46 ) وقال تعالى : ( وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ) ( الأنفال : 33 ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما : ” كَانَ فِيهِمْ أَمَانَانِ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ , وَالِاسْتِغْفَارُ , قَالَ : فَذَهَبَ نَبِيُّ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَبَقِيَ الِاسْتِغْفَارُ : ( وَمَا لَهُمْ أَلَّا يُعَذِّبَهُمُ اللهُ وَهُمْ يَصُدُّونَ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَمَا كَانُوا أَوْلِيَاءَهُ إِنْ أَوْلِيَاؤُهُ إِلَّا الْمُتَّقُونَ ) ( الأنفال : 34 ) قَالَ : فَهَذَا عَذَابُ الْآخِرَةِ ، وَذَلِكَ عَذَابُ الدُّنْيَا ” أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : { مَنِ أكْثَرَ مِنَ الاسْتِغْفَارِ ، جَعَلَ اللهُ لَهُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ فَرَجًا ، وَمِنْ كُلِّ ضِيقٍ مَخْرَجًا ، وَرَزَقَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } أخرجه أَبُو دَاوُد ، وَالنَّسَائِيّ فِي الْيَوْم وَاللَّيْلَة ، وَابْن مَاجَه ، وَالْحَاكِم : وَقَالَ صَحِيح الْإِسْنَاد من حَدِيث ابْن عَبَّاس ، وَضَعفه ابْن حبَان والألباني في الضعيفة برقم 705، وقال صلى الله عليه وسلم : { طُوبَى لِمَنْ وَجَدَ فِي صَحِيفَتِهِ اسْتِغْفَارًا كَثِيرًا } رواه ابن ماجه في سننه ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم 3930 وقال صلى الله عليه وسلم : { مَنْ أَحَبَّ أَنْ تَسُرَّهُ صَحِيفَتُهُ، فَلْيُكْثِرْ فِيهَا مِنَ الِاسْتِغْفَارِ } رواه الطبراني في المعجم الأوسط ، وصحَّحه الألباني في السلسلة الصحيحة برقم 2299 ، وفي حديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : { قَالَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى : يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ مَا دَعَوْتَنِي وَرَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ عَلَى مَا كَانَ فِيكَ وَلاَ أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنَانَ السَّمَاءِ ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لَكَ وَلاَ أُبَالِي ، يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأَرْضِ خَطَايَا ثُمَّ لَقِيتَنِي لاَ تُشْرِكُ بِي شَيْئًا لأَتَيْتُكَ بِقُرَابِهَا مَغْفِرَةً } رواه الترمذي في سننه ، وصحَّحه الألباني في صحيح الجامع برقم 4338 قال قتادة رحمه الله : ” إنَّ هذا القرآن يدلكم على دائكم ودوائكم ، أمَّا داؤكم فالذنوب والخطايا ، وأمَّا دواؤكم فالاستغفار” رواه الأصفهاني في الترغيب والترغيب برقم 221 وقال الحسن البصري رحمه الله : ” أَكْثِرُوا الِاسْتِغْفَارَ فِي بُيُوتِكُمْ ، وَعَلَى مَوَائِدِكُمْ ، وَفِي طُرُقِكُمْ ، وَفِي أَسْوَاقِكُمْ ، وَفِي مَجَالِسَكُمْ ، وَأَيْنَ مَا كُنْتُمْ فَإِنَّكُمْ لَا تَدْرُونَ فِي أَيِّ وَقْتٍ تَنْزِلُ الْبَرَكَةُ ” رواه البيقهي في شعب الإيمان برقم 647 .
نسأل الله أن يعيننا وإياكم على ذكر ربنا ، وشكره ، وحسن عبادته ؛ وأن يوفقنا وإياكم للإكثار من التوبة والاستغفار في كلِّ وقتٍ ومكانٍ ، وأن يحسن عاقبتنا جميعاً في الأمور كلِّها ، وأن يجيرنا من خزي الدنيا ، وعذاب الآخرة ، وأن يدخلنا الجنة مع الأبرار ، ووالدينا ووالديهم ؛ وجميع المسلمين إنَّ ربنا أرحم الراحمين .
اللهم آمين .