المواطنة التزام ومسؤولية


حنان سالم باناصر
حين يولد الإنسان في وطن آمن، ويجد نفسه محاطًا بالخير والرخاء والاستقرار، قد يظن أن هذه النعمة أمر بديهي، لكنها في حقيقتها أعظم هبة من الله، لا يعرف قدرها إلا من فقدها. أن تستيقظ مطمئنًا في بيتك، وتسير واثقًا في دربك، وتجد وطنك ماضيًا بخطى ثابتة نحو التنمية والريادة؛ فذلك ليس مجرد واقع نعيشه، بل مسؤولية كبرى تحتم علينا أن نكون على قدر هذه النعم.
المواطنة الحقة هي أن نستشعر عظمة ما نعيشه من أمن وازدهار، وأن ندرك أن بلادنا الغالية السعودية أصبحت اليوم من الدول المتسارعة في خطط التنمية، متصدرة في ميادين الصناعة والإنتاج، ورافعة راية المنافسة في شتى المجالات. ولعل من أعظم ما قاله النبي ﷺ: “من أصبح منكم آمناً في سِرْبِه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا”، فنعمة الأمن التي ننعم بها اليوم تستوجب الولاء والعمل والإخلاص.
فالمواطن الحق هو الذي يسهم بدوره أينما كان، ويحافظ على مكتسبات وطنه، ويخلص في عمله، ويحارب الفساد والعبث بمقدرات بلده، ملتزمًا بالقوانين والأنظمة، مدركًا أن الوطن لا ينهض إلا بتكاتف أبنائه. وقد أمرنا الله تعالى بذلك حين قال: ﴿وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا﴾ [آل عمران: 103]، فهي دعوة للوحدة التي يقوم عليها كيان الوطن.
إن المواطنة الحقة ليست مجرد انتماءٍ مكاني، بل هي التزام فكري وسلوكي، يتجلى في المشاركة الفاعلة بالمبادرات الخيرية والتطوعية، والحفاظ على هويتنا العربية والإسلامية، والاعتزاز بقيمنا وأصالتنا، والولاء لقيادتنا الرشيدة، وأن يكون لكل مواطن رأي وفكر بنّاء يعود بالنفع على مجتمعه ووطنه.
وختاما ، فإن المواطنة الحقة ليست مجرد شعور نردده أو كلمات نكتبها، بل هي التزام صادق يُترجم في واقع حياتنا؛ التزام بحفظ الأمن الذي ننعم به، وبناء هذا الوطن بما نستطيع، والالتزام بقوانينه وأنظمته، والعمل بإخلاص في مواقعنا، والوقوف صفًا واحدًا في وجه كل فساد أو عبث. فالمواطن الحقيقي هو من يجعل من انتمائه قوة تدفعه للعطاء والوفاء، لتبقى المملكة العربية السعودية وطنًا شامخًا في عزها ومجدها، محفوظًا بأبنائه، مرعيًا بعون الله ورعايته