أحببته شرقيًّا


صدّيقة التّستوري _ تونس
يقال بأنّ كلمة “حُب”
مأخوذة من الحبة بكسر الحاء وهي بذور الصحراء، فسمي الحب حبآ لأنه لباب الحياة كما الحَب لباب النبات. وفي رواية أخرى، يقال بأن “الحُب” آتية من كلمة “حُباب” والحباب هو الذي يعلو المياه عند شدّة المطر. بمعنى غليان القلب وخفقه عند الاضطرام والاهتياج إلى لقاء المحبوب يُشبه الحُباب.
وقال قباني “عندما قررت أن أنشر أفكاري عن العشق
ترددت كثيرا
فأنا لست بقسيس
ولا مارست تعليم التلاميذ
مظطر لأن يشرح للناس العبيرا
ما الذي أكتب يا سيّدتي؟
إنها تجربتي وحدي
وتعنيني وحدي
إنها السيف الذي يثقبني وحدي
فأزداد مع الموت حضورا.”
وقلت : أيًا كان ما أُحسّه من الهوى إلى الهيام إلى الإدمان…فأنا غارقةٌ فيه وأزِيدُ غرقًا يوما بعد يوم،كيف لا وهو البحر؟! إن رَأتهُ عَينِيي أشرَقتْ شَمسِي وابتدأ يومي وإن كان ليلا، وإن غاب ما يَبقى في سمائي سوى سَحَابٌ داكن.
سُكُون الرُّوح وهمهَماتُ النّفسِ، نَبضَاتُ القَلبِ وترتِيل الصّباح والمساء لا معنى لها بدونه… يتراقَصُ القَلبُ شوقًا وحُبًا لَه وحده، تُرتسَمُ الابتسامات وتَلمَعُ العيُون فقط حِين تراه أو يُذكَرُ اسمه…
لا يخِطُّ القلمُ لغيره، كل القصائد هو؛ التي كُتِبت والتي ستُكتب والتي لم تُكتب ليسَ لِشُهرةٍ، بل لأخلّده بَين السّطور كَما خُلّد العاشقون… أكتبه لأنَّه وحده مَن علّمني معنى الحُبّ، هو وحده ولا أحد سِواه مَن أنار قَلبِي بالحُبّ الحقيقي.. لَوعةُ الفُؤادِ هو، بَهجَةُ الحَياةِ هو، جنّة الدُّنيا هو …
أحببته رجلا أحببته شرقيا أحببته يمنيا
أغارُ عليه مِن نَسِيم الصّباحِ حِين يداعبُ وجهه، أغارُ عليهِ مِن جلسَة سمرٍ مع الأصدقاء، أغارُ عليه مِن المكتبة والكتب، أغار عليه من فكرةٍ تَجوبُ بِخاطرِه تُنسيه إيّاي، أغارُ علَيهِ مِن سَعادةٍ لَم أكن أنا سَبَبها.. يحزُّ في نَفسِي أنْ أقيّد مشاعرِي وسطَ هذه الكلِمات الّتي لن تُوفي وصفَ ما أكنُّه له مِن مشاعر، فلا اللّغة بيدِها وصف مكنوناتها ولاَ الكِتابَة بِيدِها كتَابتُها. صوتُه شَجنٌ يُؤنِس روحي، وعيناه.. آه غارقةٌ حدّ الثمالةِ فيهِ..عبِير عِطره يَلفَحُني حِين أشتاق إليه، بل خزّنت رائحته حتى أتنفسه فما عاد الأكسجين يكفيني…
لا أدري ماذا أقول وماذا أكتب؟! والكلمات تَتسابق في ما بينها غَيرَ قَادرةٍ على وصفِ ما بداخِلي، أَتَصِفُ حال القَلب كيف يعزِفُ طربًا هائمًا به! أم تحكِي عن الرّوح الّتي تَرقٌص فرحًا متَيّمَةً بِعشقه! أم تحكي عنِ العقلِ الشّاردِ في مَلكوتِ حبّه! تتغامزُ العيون وتتهامسُ الشّفاه والرّوح لا تكترِثُ إلاّ به.
أتفق مع قبّاني حين قال
“أكْثَرُ ما يُعَذِّبُنِي في اللّغة .. أنَّها لا تَكْفِيكِ
وأكْثَرُ ما يُضَايِقُنِي في الكِتَابَة أَنَّها لا تَكْتُبُكِ”
أيها العاشق آمنتُ بك وكفرت بكل الرجال…
تعال نتلو القَسم
لا يهم كم يبقى لي من عمر، المهم أن أكمله معك. أريد أن أكون كل شيء بحياتك صديقتك وحبيبتك وزوجتك وابنتك واختك وأمك وكل نساء الأرض، أريد فقط أن ترسم على شفتيك الابتسامة كلما خطرتُ على بالك.
أما بعد فلن أحب أحداً بعدك، أما قبل فأنا أساساً لم أعرف الحب إلّا بك.. قيدتني بك حتّى وإن لم تكن موجوداً، أستشعر طيفك معي مهما كنت بعيداً. الحب أن أكتفي بك، ولا أكتفي منك أبداً. أحببتك جداً لدرجة أنّه عندما تغيب عني يغيب معك كل شيء. لو كان الحب كلمات تكتب لانتهت أقلامي، لكن الحب أرواح توهب فهل تكفيك روحي. كل ما أريده هو أن تبقى في حياتي للأبد .