مقالات

2026– عَامُ السَّلَامِ: وَالقَادِمُ أَجْمَل

د : مشاعل الغفيلي

د : مشاعل الغفيلي

 

عزيزتي الحياة:
تحية امتنان وتقدير لكل الشخصيات المزيفة، الكاذبة والمتسلقة الَّتِي مَرَّتْ في حياتنا، ثم تجاوزناها بكرم الله وَلُطْفِهِ.
تحيّةُ امتنانٍ ومحبةٍ وإجلالٍ لكلِّ الشخصياتِ الراقية، الودُّ معها محفوظٌ، والعذرُ لها مُقدَّمٌ. أُولَئِكَ الذين أحسنوا استقبالَ المحبة، وجعلوا خاطري عزيزًا، وقلبي ليس بهيّن.
—————
إِلَى 2025: مَا فَاتَ مَضَى :
(ما وُهبَ إنسانٌ بِمَكرُمَةٍ أحلىٰ مِن رِقّةِ قَلبهِ)
كنت أظن أَنَّنِي إن عاملت النّاس بصدق ومشاعر، سيعاملونني بالمثل. لكن المقياس الوحيد في ذلك هي مقدارُ ما يستثمرّ في القلب، وفي المقابل كُلُّ إنسان يعاملك بقدر وجودك الحقيقي بداخله، لا بقدر مَا تُقدمهُ له، وعلى قدر الكرام تأتي المكارم، فالرُّقي كسمو قيمة ليس ترفًا لغويًّا، ولا مظهرًا اجتماعيًّا، ولا براعةً في الخطاب، بل هو اخلاق تنعكس في كل مقام ومقال، من باب الايمان بها منهج حياة وسلوك.
————-
قُضِيَ الْأَمْرُ :
وبدون استفاضة في الشجن تحت ميزان الآية» قُضِيَ الْأَمْرُ «ومعَ انتهاءِ عامِ 2025:
تُعَلِّمُنَا الحياة دروسا مختلفة فالناس يشهدون على حزنك وفرحك، نجاحك وفشلك، حاضرين معك التجربة بكل تفاصيلها لكنهم يمضون كما هم يؤمنون، يتصرفون بما يوافق أهواءهم، غير مدركين للأثر الذي يتركونه فيك. الامر غير قابل للتفسير وغير قابل للانكار أَيْضًا.
تَعَلَّمْتُ أَنْ لا صوت يعلو فوق الفعل، وَأَنَّ الارادة تظهر فيه وبالحقيقة العارية التي توصلك للنتيجة، أمّا الكلمات الاقوال هي النوايا المضمرة وأخفَّ من أَنْ تُمسك بها، وأقلَّ من أَنْ تُعوَّل عليها. لذا الفجوة بين القول والفعل ليست تفصيلةً صغيرة، بل هوّةٌ تُبتلع فيها الثقة بهدوء. فالكلمة التي لا يسندها فعلٌ تتحوّل الى »إنْ غرَّك القولُ فانظـُـرْ فِـعْـلَ قائلهِ فالفعلُ يجلو الذي بالزيفِ يَسْـتـَتِـرُ «والثقة حاسمة في كل المواقف، إِنِ اهتزت مسحت تاريخ العاطفة بالكامل وفي النهاية، لا يُقاس الإنسان بما يقول حين يكون الكلام سهلًا، بل بما يفعل حين يكون الفعل مُكلفًا.
تعلمت أَنَّ من يحبك تتعلم منه الحنان، ومن يكسرك تتعلم منه الحذر، ومن يرحل تتعلم منه أَنْ لا أحد يبقى للأبد، ومن يخدعك تتعلم منه أَنَّ الثقة غالية ولا تمنح بسهولة.
‏أحيانا تحتاج أَنْ تسقط لتقف وتفشل لتنجح وتخطئ لتتعلم، لذا اعتليت التوزان بالرضا مدركة أَنْ الخيار الأمثل في كثير من المرات هو أَنْ أُسلِّم بأن خياري الحالي صائبًا عندما لا يكون التراجع خيار. واصفق للقرار بشجاعة القبول. وَإِنَّنِي لستُ مطالَبة بِأَنْ أكون بخير دائمًا، لكنني مطالَبة بألّا أترك نفسي عند نقطة انطفاء. وأنَّ من يريد فهمي سيقترب، ومن يريد البقاء سيبقى، ومن يرحل فهو يأخذ معه جُزْءًا لم يكن لي منذ البداية. كثيرٌ من النهايات في العلاقات لا تأتي مُباغِتة، فجُل النهايات لها مقدمات ولا تنتهي فجأة، بل تنتهي بعد سلسلة من التراكمات ولكننا نتجاهلها، لأننا لا نريد حينها قبول الحقيقة ليس جهلًا، بل ربما تعودا والفة، وأحيانا مقاومة نفسية.
——————————
رسالةٌ مِنِّي إِلَيْك: ثمة دُرُوسٌ لا يُعَلمُها إِلَّا الألم:
إن توجيه الألم نحو أنفسِنا لن يصلح شيء بل سيجعلُ المستقبل اسوء، وتذكَّر أنَّ »الحياةُ تجودُ على منِ استغنى، وتُذِلُّ من تعلَّقَ وتشبَّث. تبردُ نارُ النفسِ بالاستغناء فمن تركَ مَلَك « .
لم يخذلنا أَحَدٌ، نحن من خذلنا أنفسنا بالاختيارات الخطأ، وحملنا الكلمات أكثر مما لا تحتمل، وَقَرَأْنَا الوعود بلهفة »جِيتكَ ظَمْأً« وكَانت الكَارثة كُلها فِي الإفرَاط، الإفرَاط فِي الثقة، الحُب، التَوقعَـات، فِي الانتظار، فِي كُل شيء.
كان همي الوحيد حسب ما أذكر، ألَّا يكتشف أحد مدى الخذلان والحزن الذي كنت اشعر به.
تعلمت أَنَّ معظم الالم جاء من ايماني أَنَّ كل شَيْءٍ يمكنني إصلاحه، واني قادرة، بينما الحقيقة تكمن في أَنَّ هذا هو المستحيل. لا يمكننا اصلاح كل شَيْءٍ وَعَلَيْنَا أَنْ نتقبل، ليست هَذِهِ مهمتنا ولا رسالة نبيلة، فالنُّبل ليس طريقًا سهلًا وله ثمنٌ موجع أحيانًا، فالنبيلُ يستطيع، لكنه يملك الاختيار النبيل، يقدر على الجدال لكن يترفع برقي، ويملك الردّ لكنه يصمت، وإذا أساءته الأشياء، ومُسّت كرامته، لا يُطيل العتاب ولا يبرر، يبتعد بهدوء، حتى تظنّ حين تراه أنه لم يتعثّر يومًا.
———————-
لَا إِلٰهَ كُفْرٌ , لَا إِلٰهَ إِلَّا اللهُ إِيمَانٌ :
تعلمت أَنَّ الحياة مليئةٌ بالمتناقضات، وَأَنَّ النقصَ فيها أمرٌ جوهريٌّ، لم نُخلَق لنكونَ مثاليّين او في هيئة الكمال، بل خُلقنا لنكونَ أشخاصًا حقيقيين تشكلنا العيوب لا المزايا، تهذبنا الاخطاء التي نقع بها، وَأَنَّ الخيارات، كانت خاطئة أو صائبة هي جزء من نسيج الحياة وجوهرها.
كلما خضت نضجت وكلما نضجت تخليت عن امور كثيرة والمعرفة ليست في الفهم فقد تعرف كل شَيْءٍ وعن كل شَيْءٍ لكن يلزمك مشوار طويل حتى تلمس روح الآخَرِ، تفهم مشاعره، تقرأ ما وراء الكلمات او تدرك كيف يمكن أَنْ نضمد جراح عقله حين يضج بالأسئلة.
تعلمت أَنَّ الحقيقة المجردة تدرك بالفهم الواعي , بالاستماع الجيد , بالنظر إِلَى الصورة الكاملة وَأَنَّ الاسئلة الصحيحة تفتح أبواب الفهم، وَأَنَّ إدراكنا وتفسيرنا لها قد يتأثر بالقناعات والتوقعات وايضا تجارب الآخرين التي ربما تلقي بظلالها وتؤثر على رؤيتنا لها بموضوعية.
———————
‏ (يُمْسِي الرَّجُلُ مُؤْمِنًا وَيُصْبِحُ كَافِرًا):
بين الإِيمَانِ والكفر، وبين الثبات والتبدّل تتغيروتذبل المشاعرالهشة والمتقلبة، وتصمد الثابتة والقوية، وخلال ذلك تعلم حقيقة ثابتة أَنْ لا مكان للنصائح العشوائية ولن يكون بمقدور أحد ان يشعر بك، ولا بالكيفية التي تفكر بها، أَيًّا كان ما تحس به، اسمح له أَنْ يظهر حين يحتاج، وتعايش معه بالقبول حين يرمي ثقله، ودافع عنه حين يستلزم ذلك ثمّ تعلّم أَنْ تتخلّى وتتجاوز، اترك المطر يهطل وَلَكِنْ خذ معك المظلة.
الالم هو عامل التغيير والحزن ليس حالة عقلية فقط بل تجربة جسدية، نحن لا نستطيع أَنْ نقبل الالم إذا فصلنا أنفسنا عنه وراقبناه من بعيد، لكن حين يكون جزءًا منّا يذوب وينتهي ويُنسى.
وخلال ذلك، ندرك أَنَّ الطريقُ طويلٌ، وقلوبُنا احيانا تضيق، وَأَنَّ صوتُ المطرِ –الذكرى– يُبكينا. ولا ضيرَ في أنَّنا تائهون، لا نعرفُ أَيْنَ نبدأ ولا كيف، لكن ابْدَأْ فحسب، ولا تشغلْ بالك بما ليس لك به حيلةٌ.
القلبُ السليمُ ليس «صفةً إضافيّةً»، بل هو ميزانُ الخُلُقِ »إِنَّمَا الْمَرْءُ بِقَلْبِهِ« الذي يرفعك ويخقض قيمتك في عيون الاخرين ‏ وأنَّ القيمَ العالية و الغالية ليست فرضَ كفايةٍ، بل فرضَ عينٍ , تظهر في سلوكِ الفردِ كجزءًا من شخصيّته. وما تُخفيه النوايا يفضحه تكرارُ الفعل.
بعضُ الخيباتِ لم تأتِ لِتَكسِرَنا، بل لِتُنهي دورًا لم يكن يُشبهُنا. لذا توقّفتُ عن السعيِ إلى نهايةٍ مريحةٍ حين أدركتُ أنَّ السلامَ ليس في الإجابات، بل في التخلّي والصمت دون حديثٍ أخير وفي قرارٍ حاسمٍ (لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا).
———————
إِلَى 2026: القَادِمُ َبِنَا أَجْمَلُ:
«عندما نواجه المحن بقلب قوي وعقل هادئ، نسلب من النوازل سطوتها وثقلها«.
حدّثني قلبي أنَّ هناك أَمَلًا مُزهِرًا وربيعًا قَادِمًا سينبتُ فِي صَدرِي، وأنني امرأةٌ ذاتُ حظٍّ عظيمٍ وحبٍّ كبير.وَأَنَّنِي أستحقّ كلّ خيرٍ أُعطيته، وكلّ تقديرٍ سمعته، وكلّ نجاحٍ وصلت إليه، وأنَّ الله ما كان ليُلقي في قلبي نورًا إلا لأنه يعلم أنني أهلٌ له، يظللني حب عائلتي الصغيرة، السند الذي يحرس ظهري، الرجل الأمان الذي يصنع لي الدرع والسلاح معًا. وبدعاء قلب الأُمِّ، بقلوب الاخوات الحانية، ومحبة الرفيقات اللَّاتِي أُنْسُ قُلُوبِهِن لَا يُعْلَى عليه وَلَا يَسْبِقهُ أَيُّ شعور.
يشرقُ النُّورُ وَالمَشَاعِلُ حيثما كانت خطاي، وتتشكّلُ السحبُ مَطَرًا أينما توجهت .أَرْجُو أَنْ تستمرَّ ضحكتي كما هي قلبيةً ونقيّةً، وَأَنْ تحيا روحي صادقةً، وَأَنْ يظلَّ صوتي عاليًا مُفعمًا بالحياة.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
💬