مقالات

العام الميلادي الجديد

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله وصحبه ، ثمَّ أمَّا بعد :

اخواني القراء الكرام : من الأمور التي ينبغي التنبيه عليها ما يلي :
١- أن نحافظ على السنن ، وأن نحذر البدع ، والمعاصي ، كيف وقد قال الله تعالى : ( وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۖ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ) ( الحشر : ٧ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( أوصيكم بتقوى اللهِ ، والسمعِ والطاعةِ ؛ وإن عبدًا حبشيًّا ، فإنه من يعِشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا ، فعليكم بسنتي ، وسنةِ الخلفاءِ المهديّين الراشدين ؛ تمسّكوا بها ، وعَضّوا عليها بالنواجذِ ، وإياكم ومحدثاتِ الأمورِ ؛ فإنَّ كلَّ محدثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ٤٦٠٧ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( أما بعدُ فإنَّ أصدقَ الحديثِ كتابُ اللهِ ، وإنَّ أفضلَ الهديِ هديُ محمدٍ ، وشرَّ الأمورِ مُحدثاتُها ، وكلَّ مُحدَثةٍ بدعةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النَّارِ ) رواه النسائي في المجتبى ، وصححه الألباني في صحيح الجامع برقم ١٣٥٣ .
٢- أنَّه لم يرد تخصيص شيءٍ من الأعمال الصالحة في نهاية عامٍ أو بدايته ؛ سواءً كان هذا العام هجرياً أو ميلادياً ؛ فمن أحدث في ديننا شيئاً لم يرد فيه نصٌّ من كتابٍ أو سنةٍ فهو بدعة ، وكلُّ بدعةٍ ضلالة ، وكلُّ ضلالة في النار ؛ نسأل الله العفو والعافية .
٣- لاينبغي تبادل التهنئة بدخول عامٍ سواءً هجريٍّ أو ميلاديٍّ ؛ لأنه لم ينقل في ذلك هديٌ نبوي ، أو عملٌ سلفي سبقنا إليها خير القرون وأفضلها ؛ وما لم يكن يؤمئذٍ ديناً ، فلن يكون اليوم ديناً .
٤- لا يصح لمسلمٍ أو مسلمةٍ الاحتفال بأعياد غير المسلمين ، وتهنئتهم بها ، وتبادل الهدايا معهم ، والأكل من طعامهم فيها ، كما يحصل من بعضهم في أول السنة الميلادية أو غيرها ؛ وأنَّه ليس لأهل الإسلام إلا عيدان شرعيان لا ثالث لهما ؛ عيد الفطر ، والأضحى ؛ فلنا غنيةٌ عما سواها من الأعياد الباطلة ، والله المستعان .
٥- كيف نفرح بأعياد قومٍ ادعوا أنَّ لله ولداً ؛ والهاً مع الله ؛ تعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيرا ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( وَقَالُواْ ٱتَّخَذَ ٱلرَّحۡمَٰنُ وَلَدٗا * لَّقَدۡ جِئۡتُمۡ شَيۡـًٔا إِدّٗا * تَكَادُ ٱلسَّمَٰوَٰتُ يَتَفَطَّرۡنَ مِنۡهُ وَتَنشَقُّ ٱلۡأَرۡضُ وَتَخِرُّ ٱلۡجِبَالُ هَدًّا * أَن دَعَوۡاْ لِلرَّحۡمَٰنِ وَلَدٗا * وَمَا يَنۢبَغِي لِلرَّحۡمَٰنِ أَن يَتَّخِذَ وَلَدًا * إِن كُلُّ مَن فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِ إِلَّآ ءَاتِي ٱلرَّحۡمَٰنِ عَبۡدٗا * لَّقَدۡ أَحۡصَىٰهُمۡ وَعَدَّهُمۡ عَدّٗا * وَكُلُّهُمۡ ءَاتِيهِ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَرۡدًا ) ( مريم : ٨٨ – ٩٥ ) .
اخواني القراء : أختم مقالي هذا بفتوتين من فتاوى أهل العلم أحداهما لسماحة الشيخ العلامة عبدالعزيز بن باز رحمه الله ؛ وثانيهما للشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله ؛ فيقول الشيخ ابن باز رحمه الله : ” : لا يجوز للمسلم ، ولا للمسلمة مشاركة النصارى ؛ أو اليهود ؛ أو غيرهم من الكفرة في أعيادهم ؛ بل يجب ترك ذلك ؛ لأنَّ ( من تشبه بقوم ؛ فهو منهم ) والرسول صلى الله عليه وسلم حذرنا من مشابهتهم ، والتخلق بأخلاقهم .
فعلى المؤمن ، وعلى المؤمنة الحذر من ذلك ، وألا يساعد في إقامة هذه الأعياد بأي شيءٍ ؛ لأنها أعيادٌ مخالفةٌ لشرع الله ، ويقيمها أعداء الله ؛ فلا يجوز الاشتراك فيها ، ولا التعاون مع أهلها ، ولا مساعدتهم بأي شيءٍ ؛ لا بالشاي ، ولا بالقهوة ، ولا بأي شيءٍ من الأمور كالأواني ، ونحوها . وأيضاً يقول الله سبحانه : ( وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلا تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ) ( المائدة : ٢ ) فالمشاركة مع الكفرة في أعيادهم نوعٌ من التعاون على الإثم والعدوان ، فالواجب على كلِّ مسلمٍ وعلى كل مسلمةٍ ترك ذلك ، ولا ينبغي للعاقل أن يغتر بالناس في أفعالهم . الواجب أن ينظر في الشرع الإسلامي ، وما جاء به ، وأن يمتثل أمر الله ورسوله عليه الصلاة والسلام ، وأن لا ينظر إلى أمور الناس ، فإنَّ أكثر الخلق لا يبالي بما شرع الله ، كما قال الله في كتابه العظيم : ( وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ ) ( الأنعام : ١١٦ ) وقال سبحانه : ( وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ ) ( يوسف : ١٠٣ ) فالعوائد المخالفة للشرع لا يجوز الأخذ بها ، وإن فعلها الناس . والمؤمن يزن أفعاله وأقواله ، ويزن أفعال الناس وأقوال الناس بالكتاب والسنة ، بكتاب الله ، وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام ، فما وافقهما أو أحدهما فهو المقبول ، وإن تركه الناس ، وما خالفهما أو أحدهما فهو المردود ، وإن فعله الناس ؛ رزق الله الجميع التوفيق ، والهداية ” وقال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله ( انظر سلسلة لقاءات الباب المفتوح ١١٢ ) : ” رأس العام الميلادي ؛ فإنَّه لايجوز التهنئة به ، لأنَّه ليس عاماً شرعياً ، بل إن هنئ به الكفار على أعيادهم ، فهذا يكون الإنسان فيه على خطرٍ عظيمٍ أن يهنئهم بأعياد الكفر ، لأنَّ التهنئة بأعياد الكفر رضاً بها وزيادةً ، والرضا بالأعياد الكفرية ؛ ربما يخرج الإنسان من دائرة الإسلام ” نسأل الله العفو والعافية ، والمعافاة الدائمة في الدين والدنيا والآخرة ، ونسأله تعالى أن يرينا الحقَّ حقاً ويرزقنا اتباعه ، وأن يرينا الباطل باطلاً ويرزقنا اجتنابه ، وألا يجعله ملتبساً علينا فنضل .

اللهم آمين .

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
💬