مقالات

أعوامُ تمضي… ووعيٌ يُزهر.

بقلم: احلام اليحياوي

بقلم: احلام اليحياوي

في وداع الأعوام، لا نطوي صفحة زمن فحسب، بل نُعيد ترتيب أرشيف القلب بهدوء.
ننظر إلى ما مضى لا بعين الندم، بل بعين الفهم؛ فكل تجربة أضافت طبقة من الوعي، وكل موقف صعب علّمنا أين نقف، وأين لا ينبغي أن نقف مرة أخرى.
مرّ العام حاملاً لحظات ثقيلة، لكنه ترك لنا ما هو أثمن من الراحة المؤقتة: ترك لنا معرفة أعمق بأنفسنا. لم يكن الألم قسوةً عابرة، بل أداة تشكيل أعادت ترتيب الداخل، وعلّمتنا أن النضج لا يولد من السهولة، بل من الصدق مع الذات.
وخلال هذا العام، تغيّر رصيدنا الإنساني.
دخلت إلى حياتنا شخصيّات جديدة راقية ،، صادقة، أضافت دفئًا، وذكّرتنا أن الخير لا يزال حاضرًا بأشكال متعددة. وفي الوقت ذاته، بقيت معنا شخصيّات راسخة تمسّكنا بها عبر أعوام، شاركتنا المسير، وحفظت الودّ، وكانت شاهدًا على تحوّلاتنا ونضجنا. وفي المقابل، خرج من الرصيد أشخاص انتهى دورهم، بهدوء أو بضجيج، فتركناهم يمضون بلا خصومة، متمنّين لهم السلام في طرقهم، كما تمنّيناه لأنفسنا في طرقنا.
فنستقبل عامًا جديدًا بوعيٍ أكثر صفاءً؛ لا نحمله ما لا يحتمل، ولا نعلّق عليه آمالًا مثقلة، بل ندخله بخفّة من تعلّم أن التوازن أجمل من الركض، وأن الاختيار الهادئ أبقى أثرًا من الاندفاع.
المراحل الجديدة لا تأتي لتغيّرنا جذريًا، بل لتكشف ما ترسّخ فينا.
تكشف قدرتنا على الاستمرار دون قسوة على النفس، وعلى التمسك بالأمل دون سذاجة، وعلى التفاؤل الذي يدرك أن الطريق قد يتعرّج، لكنه لا يفقد وجهته.
وفي نهاية عام وبداية آخر، نصل إلى قناعة هادئة:أننا لا نغادر الأعوام كما دخلناها، وأن كل سنة تترك أثرها الخاص في أرواحنا؛ فإن أحسنّا القراءة، دخلنا القادم أخفّ، أصدق، وأكثر استعدادًا لما يستحق أن يواصل معنا الطريق.

 

ثلاثية الوعي والهوية في البيئة المهنية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى
💬