قيادة تمكن الفرد .. وتدعم الفريق

بقلم الكاتبة: حنان سالم باناصر
في عالم الأعمال المعاصر، لم يعد النجاح قائمًا فقط على الجهود الفردية أو الخطط المرسومة، بل على القدرة على الجمع بين التميز الشخصي وروح الفريق. إدارة الأداء الفعّالة هي المفتاح لهذا التوازن، فهي ليست مجرد متابعة للنتائج، بل فنّ قيادي يمكّن كل موظف من إبراز أفضل ما لديه، ويحول التعاون الجماعي إلى قوة دافعة تحقق الأهداف المؤسسية وتبني بيئة عمل محفزة ومبدعة.
إدارة الأداء ليست مجرد متابعة للأرقام والنتائج، بل هي فن خلق توازن بين قوة الفرد وروح الفريق. فكل موظف متميز يسهم في رفع مستوى الفريق، وكل فريق متعاون يرفع سقف أداء أفراده. الأداء الفردي يحتاج إلى الاهتمام بتطوير مهارات كل شخص، تحديد أهدافه، ومتابعة تقدمه، مع تقديم الدعم المستمر، ليشعر بالمسؤولية والتحفيز على الابتكار وتحقيق نتائج ملموسة.
الأداء الجماعي يعتمد على تنسيق الجهود للوصول إلى هدف مشترك، من خلال التعاون وتبادل المعرفة وتوزيع المهام بشكل متوازن، مع خلق بيئة داعمة تعزز الانتماء والجودة في القرارات. وهنا تظهر أهمية العدالة في تقييم الأداء، إذ أن تقدير جهود كل فرد بشكل عادل يعزز الروح المعنوية ويحفز الكفاءات على العطاء المستمر. بالمقابل، فإن المساواة المطلقة في المكافآت للجميع دون مراعاة الجهد الفعلي قد تقضي على روح الدافعية والإبداع.
تلعب جلسات المناقشة والتقييم الربع سنوي دورًا محوريًا في هذا السياق، فهي تتيح للقائد والموظف على حد سواء إبراز نقاط القوة وتحسين نقاط الضعف بشكل دوري، مما يسهل عملية التقييم النهائي بنهاية العام ويجعلها أكثر شفافية ودقة. ولا يقل أهمية عن ذلك وجود نماذج ميسرة ومنظمة للتقييم، تعمل كأداة دقيقة لرصد جميع المهام التي يقوم بها الموظف، بما في ذلك ردود أفعاله تجاه المهام الطارئة ومدى تقبله للتوجيهات، لتساعد القائد على تقييم الجدارة الوظيفية بشكل موضوعي وعادل.
يلعب القائد دورًا حيويًا في هذا التوازن، فهو الموجّه والملهم الذي يوازن بين قدرات الأفراد وروح الفريق، ويوجه الأداء بأسلوب يحفز المشاركة ويغرس شعور المسؤولية ويعزز الابتكار في كل خطوة. قيادته الإنسانية تخلق بيئة تعلم مستمر، وتشجع التواصل المفتوح، وتزيل العقبات أمام فريقه، لتصبح النجاحات الفردية جزءًا أصيلًا من نجاح الفريق بأكمله.
إدارة الأداء رحلة مستمرة، تجمع بين الإبداع الفردي والتعاون الجماعي، والقيادة الملهمة، والعدالة في التقدير، والتقييم الدوري المنظم، لتتحقق نتائج مستدامة، ويصبح الأداء أكثر إنسانية وفاعلية.


