مقالات

حبر وبحر

بقلم : د.لينة حسن عزوز

بقلم : د.لينة حسن عزوز

لا أدري لماذا أمتهن الكتابة ؟ وأتقن فنّ البكاء ! وأتجشم عناء ذلك ..!

كثيراً ما أكون من الذين تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزناً ..

لا أدري لماذا توهنني إخفاقات الأحبة ، وآلام الأمهات، وأسقام الأبناء..!

تنبجس فوق قلبي بحيرة من العاطفة الجياشة وصخب المحيطات الهادرة .. ولازلت أبكي !

يصف لي جلسائي مشهد رحيل أحدهم؛ فأبكي كما لو أن تنور الدنيا قد فار من مقلتيّ..!

تساورني المشاعر وتزاحمني في كل حين وآن، حتى لكأني أحس بأن قلبي مضخة سحابية آيلة للانهمار في كل وقت ..!

وحين أكتب يساومني قلمي في كل موقف مرة أو مرتين طارحاً تساؤله بقدرتي تحويل المشاهد وتوليفها مع الحروف لتكون مونتاجاً كتابياً سينمائياً مقرؤاً بالقلب المجرد والإحساس المرهف !

تهزني آلام الناس ونكباتهم، والندب والخروق والثقوب وما استكرهوا عليه ..

أتمرد على الأوازن والقوافي حين تجيش مخيلتي لأنّات القانع والمعترّ وابن السبيل، و تندلع سطوري لخلجات الجناح المهيض ..

كم تضطرب صحيفتي للوصف الجديب والجرح الغائر !

ألفِظ أنفاسي حين أسترسل في الكتابة، ويودّ حبري لو أنّ بينه وبين الإحساس أمداً بعيداً من ثُقل ما يجد ووطأة ما يحس ..

أبكي وأكتب حين أنطلق كالجيش الهادر خفافا وثقالاً إلى المجد، وأسعى للامتيازات والنياشين، وأتوق للقمة وأبتكر لها ألف خارطة وبارقة، لا أستسلم أبداً لكنني أبكي ..

أبكي وأكتب لما أقاسيه من ضعف وسِنة ولغوب، أو قوة وإدراك وصمود ..

أتهادي في الشعور بين الصعود والهبوط..

ألمس جرحي وأدافع بضراوة عن النبلاء والأفذاذ..

لا أطيق الهوامش ولا الحواشي ولا الصفحة الأخيرة بل الديباجة والافتتاحية وذروة سنام الآمال ..

ولا زلت أكتب ببسالة يكتنفها ألف دمع ..

ولا أدري كم لبثت؟ وكم سألبث !

لكنني البحر والقرطاس والحِبر والوجد والمواسم ..

 

تأملات

 

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى