مقالات

أخطاء المصلين  

بقلم: حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

بقلم: حسن بن محمد منصور مخزم الدغريري 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله وحده ، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده ، وعلى آله ، وصحبه ، ثمَّ أمَّا بعد : 

أخي القارئ الكريم : لقد عني الإسلام بشأن الصلاة فرضها والنفل ؛ وقد فرض رب العزة والجلال الصلوات الخمس من فوق سبع سموات ؛ وذلك لعظيم مكانتها ، وعلو شأنها عند الله ؛ وقد فرضها الله على أهل الإسلام من المكلفين من الرجال والنساء المكلفين ؛ لكونها الركن الثاني من أركان الإسلام بعد الشهادتين ؛ ولأنَّ التارك للفريضة تهاوناً وكسلاً كافرٌ مرتدٌّ عن دين الإسلام ، وسيحشره الله يوم القيامة مع أئمة الكفر والضلال في نار جهنم وبئس القرار ؛ وإليكم إخواني القراء جملةً من الأخطاء الشائعة في موضوع الصلاة ، لنكون منها على حذر على أنفسنا ، وأزواجنا ، وأبنائنا ، وبناتنا ؛ وجميع الأهل والأحباب ، وهي على النحو الآتي :

١- ترك الصلاة المفروضة تهاوناً وكسلاً مع القدرة على فعلها ؛ قال الله تعالى عن الكفار : ( فَإِن تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ ۗ وَنُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ) ( التوبة : ١١ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( إنَّ بيْنَ الرَّجُلِ وبيْنَ الشِّرْكِ والْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ ) رواه مسلم في صحيحه .

٢– تأخير الصلاة المكتوبة عن وقتها المحدد لها شرعاً حتى يخرج وقتها بدون عذرٍ شرعي ؛ كيف وقد قال الله تعالى في سورة الماعون : ( فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاؤُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ ) .

٣- التخلف عن صلاة الجمعة مع المسلمين في يومها الذي أمر الله بأدائها فيه ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ) ( الجمعة : ٩ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( مَن ترَكَ الجمعةَ ثلاثَ مرَّاتٍ تهاونًا بها ، طبَعَ اللهُ على قلْبِه ) رواه الترمذي في سننه ؛ وحسنه .

٤– التخلف عن صلاة الجماعة في المساجد ؛ قال الله تعالى : ( وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ) ( البقرة : ٤٣ ) وقال تعالى : ( حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ ) ( البقرة : ٢٣٨ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( أثقلُ الصلاةِ على المنافقين صلاةُ العشاءِ وصلاةُ الفجرِ ولو يعلمونَ ما فيهما لأتوهُما ولو حبوًا ) رواه البخاري ومسلم في صحيحهما ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : ( تَقَدَّمُوا فَأْتَمُّوا بِي ، وَلْيَأْتَمَّ بِكُمْ مَنْ بَعْدَكُمْ ، لا يَزَالُ قَوْمٌ يَتَأَخَّرُونَ حَتَّى يُؤَخِّرَهُمْ اللَّهُ ) رواه مسلمٌ في صحيحه .

٥– التأخر في الذهاب إلى المساجد بعد الأذان ؛ وهذا التأخر يفوت على المسلم أعمالاً صالحةً كبرى كتحية المسجد ، والسنن الرواتب القبلية للفريضة ، وكثرة ذكر الله ودعائه ، وتلاوة القرآن ، واستغفار الملائكة لمنتظري الصلاة ، وإدراك الصفِّ الأول ، وإدراك أول ركعةٍ مع الإمام ؛ وصدق الله تعالى إذ يقول : ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَئِكَ الْمُقَرَّبُونَ * فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ) ( الواقعة : ١٠ – ١٢ ) وقال صلى الله عليه وسلم : ( المَلائِكَةُ تُصَلِّي علَى أحَدِكُمْ ما دامَ في مُصَلّاهُ ، ما لَمْ يُحْدِثْ : اللَّهُمَّ اغْفِرْ له ، اللَّهُمَّ ارْحَمْهُ ، لا يَزالُ أحَدُكُمْ في صَلاةٍ ما دامَتِ الصَّلاةُ تَحْبِسُهُ ، لا يَمْنَعُهُ أنْ يَنْقَلِبَ إلى أهْلِهِ إلَّا الصَّلاةُ ) رواه البخاري ومسلمٌ في صحيحيهما .

٦– السرعة في أداء الصلاة ؛ وخاصة إذا صلَّى المسلم في بيته ؛ فيحصل بهذه السرعة الإخلال بأركان الصلاة ، وواجباتها ؛ فضلاً عن عدم الإتيان بسننها ومستحباتها ؛ وهذا خلاف ما أمر الله به في قوله تعالى : ( قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * ٱلَّذِینَ هُمۡ فِی صَلَاتِهِمۡ خَـٰشِعُونَ ) ( المؤمنون : ١-٢ ) وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه : ( أنَّ رَسولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ دَخَلَ المَسْجِدَ فَدَخَلَ رَجُلٌ ، فَصَلَّى ، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فَرَدَّ ، وقالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ، فَرَجَعَ يُصَلِّي كما صَلَّى ، ثُمَّ جَاءَ ، فَسَلَّمَ علَى النبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ ، فَقالَ : ارْجِعْ فَصَلِّ ، فإنَّكَ لَمْ تُصَلِّ ثَلَاثًا ، فَقالَ : والذي بَعَثَكَ بالحَقِّ ما أُحْسِنُ غَيْرَهُ ، فَعَلِّمْنِي ، فَقالَ : إذَا قُمْتَ إلى الصَّلَاةِ فَكَبِّرْ ، ثُمَّ اقْرَأْ ما تَيَسَّرَ معكَ مِنَ القُرْآنِ ، ثُمَّ ارْكَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ رَاكِعًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَعْتدِلَ قَائِمًا ، ثُمَّ اسْجُدْ حتَّى تَطْمَئِنَّ سَاجِدًا ، ثُمَّ ارْفَعْ حتَّى تَطْمَئِنَّ جَالِسًا ، وافْعَلْ ذلكَ في صَلَاتِكَ كُلِّهَا ) وفي الحديث أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( تِلكَ صَلَاةُ المُنَافِقِ ، يَجْلِسُ يَرْقُبُ الشَّمْسَ حتَّى إذَا كَانَتْ بيْنَ قَرْنَيِ الشَّيْطَانِ ، قَامَ فَنَقَرَهَا أَرْبَعًا ، لا يَذْكُرُ اللَّهَ فِيهَا إلَّا قَلِيلًا ) رواه مسلمٌ في صحيحه .

٧– الصلاة في ثوبٍ غير ساترٍ للعورة إمَّا لخفته ترى منه البشرة ؛ أو لقصره عن الأماكن الواجب سترها ؛ ومن ذلك صلاة المرأة في ثوبٍ غير ساترٍ لقدميها ؛ وهذا خلاف ما أمر الله به في قوله تعالى : ( يَا بَنِي آدَمَ خُذُوا زِينَتَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ ) ( الأعراف : ٣١ ) وعن

أمِّ سلمة رضي الله عنها أنها سألتِ النبيَّ صلى الله عليه وسلم : ( أتصلِّي المرأةُ في درعٍ وخمارٍ ، وليس عليها إزارٌ ؟ قال : إذا كان الدرعُ سابغًا يغطِّي ظهورَ قدمَيها ) رواه ابو داود في سننه ؛ قال الامام ابن باز رحمه الله : ” وفي إسناده بعض الضعف ، ويُروى مرفوعًا عن النبي صلى الله عليه وسلم لكن الصواب أنه موقوف ” .

٨– أداء تكبيرة الإحرام للفريضة حال الركوع أو السجود أو الجلوس ؛ مع القدرة على أدائها حال القيام ؛ وهذا خطأ لأنَّ محلَّ أدائها حال القيام في الصلاة ؛ قال النووي رحمه الله في المجموع (3/296) : ” يَجِبُ أَنْ تَقَعَ تَكْبِيرَةُ الْإِحْرَامِ بِجَمِيعِ حُرُوفِهَا فِي حَالِ قِيَامِهِ ، فَإِنْ أَتَى بِحَرْفٍ مِنْهَا فِي غَيْرِ حَالِ الْقِيَامِ لَمْ تَنْعَقِدْ صَلَاتُهُ فَرْضًا ” انتهى ؛ وقال الخرشي رحمه الله في شرح مختصر خليل (1/264) في بيان فرائض الصلاة : ” الْقِيَامُ لِتَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فِي الْفَرْضِ ، لِلْقَادِرِ غَيْرِ الْمَسْبُوقِ ؛ فَلَا يُجْزِئُ إيقَاعُهَا جَالِسًا ؛ أَوْ مُنْحَنِيًا ؛ اتِّبَاعًا لِلْعَمَلِ” انتهى .

٩– صلاة المفروضة على الكراسي جلوساً ، والإيماء للركوع والسجود مع القدرة على أدائها كلَّها أو بعضها قياماً أو ركوعاً أو سجوداً بدون إيماء ؛ قال الله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ) ( الحج : ٧٧ ) وقال تعالى : ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ) ( التغابن : ١٦ ) وقال عمران بن حصين رضي الله عنه : ( كَانَتْ بي بَوَاسِيرُ ، فَسَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ عَنِ الصَّلَاةِ ، فَقالَ : صَلِّ قَائِمًا ، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَقَاعِدًا ، فإنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَعَلَى جَنْبٍ ) رواه البخاري ومسلم .

١٠– ترك التراص في الصفوف ؛ وهذا خلاف ما أمرنا به رسولنا صلى الله عليه وسلم في قوله : ( ألا تَصُفُّونَ كما تصُفُّ الملائِكَةُ عندَ ربِّهم جَلَّ وعزَّ ، قُلنا وَكَيفَ تَصفُّ الملائِكَةُ عندَ ربِّهم ؟ قالَ : يتمُّونَ الصُّفوفَ المقدَّمةَ ، ويتَراصُّونَ في الصَّفِّ ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ٦٦١ وقال صلى الله عليه وسلم : ( أقيموا الصُّفوفَ ، وحاذُوا بينَ المناكبِ . وسُدُّوا الخللَ ، ولينوا بأيدي إخوانِكم ، ولا تذَروا فرُجاتٍ للشَّيطانِ ، ومَن وصَلَ صفًّا وصَلَه اللَّهُ ، ومن قطعَ صفًّا قطعَه اللَّهُ ) رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ٦٦٦ ويقول النعمان بن بشير رضي الله عنه : ” أقبَل رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم على النَّاسِ بوجهِه فقال : أقِيموا صفوفَكم ، ثلاثًا ، واللهِ لَتُقِيمُنَّ صفوفَكم أو ليُخالِفَنَّ اللهُ بينَ قلوبِكم ، قال : فرأَيْتُ الرَّجُلَ يُلزِقُ مَنكِبَه بمَنكِبِ صاحبِه ، ورُكبَتَه برُكبَةِ صاحبِه ، وكعبَه بكعبِه  ” رواه أبو داود في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح أبي داود برقم ٦٦٢ وفي رواية ” لَتُسَوُّنَّ صُفُوفَكُمْ ، أَوْ لَيُخَالِفَنَّ اللَّهُ بيْنَ وُجُوهِكُمْ ”  رواه البخاري في صحيحه .

١١– التهاون بالسنن الرواتب والوتر ؛ قال الله تعالى في الحديث القدسي : ” إنَّ اللَّهَ قالَ : مَن عادَى لي وَلِيًّا فقَدْ آذَنْتُهُ بالحَرْبِ ، وما تَقَرَّبَ إلَيَّ عَبْدِي بشَيءٍ أحَبَّ إلَيَّ ممَّا افْتَرَضْتُ عليه ، وما يَزالُ عَبْدِي يَتَقَرَّبُ إلَيَّ بالنَّوافِلِ حتَّى أُحِبَّهُ ، فإذا أحْبَبْتُهُ كُنْتُ سَمْعَهُ الَّذي يَسْمَعُ به ، وبَصَرَهُ الَّذي يُبْصِرُ به ، ويَدَهُ الَّتي يَبْطِشُ بها ، ورِجْلَهُ الَّتي يَمْشِي بها ، وإنْ سَأَلَنِي لَأُعْطِيَنَّهُ ، ولَئِنِ اسْتَعاذَنِي لَأُعِيذَنَّهُ ” رواه البخاري في صحيحه ؛ وقال صلى الله عليه وسلم : “من ثابرَ على ثنتي عشرةَ رَكعةً منَ السُّنَّةِ بنى اللَّهُ لَهُ بيتًا في الجنَّةِ : أربعِ رَكعاتٍ قبلَ الظُّهرِ ، ورَكعتينِ بعدَها ، ورَكعتينِ بعدَ المغربِ ، ورَكعتينِ بعدَ العشاءِ ، ورَكعتينِ قبلَ الفجرِ ” رواه الترمذي في سننه ؛ وصححه الألباني في صحيح الترمذي برقم ٤١٤ وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : ” إنَّ الوِترَ لَيسَ بِحَتْمٍ ، وَلا كَصَلاتِكمُ المَكتوبةِ ، ولكنَّ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أَوترَ ، ثُمَّ قال : يا أَهلَ القُرآنِ ، أَوتِروا ؛ فإنَّ اللهَ وِترٌ يُحِبُّ الوِترَ ” رواه الترمذي في سننه وحسنه برقم ٤٥٣ .

إخواني القراء : هذه جملةٌ من أخطاء المصلين ؛ أوردت بعضها دلالةً على غيرها مما لم أذكر ؛ والله نسأل أن يعلمنا ما ينفعنا ، وينفعنا بما علمنا ؛ ويغفر لنا ما قدمنا ، وما أخرنا ، وما أسررنا ، وما أعلنا ؛ وما هو أعلم به منا ؛ اللهم تقبل طاعتنا ، وتجاوز عن زلاتنا ، وثبتنا على الحقِّ حتى نلقاك ؛ وأدخلنا جنتك ورضوانك ، ونجنا من سخطك ونارك ؛ إنَّك أنت التواب الرحيم .

اللهم آمين .

 

زيارة القبور 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى