إدارة اليوم قيادة الغد


د.مشاعل الغفيلي
في زحمة المسئوليات اليومية وتتابع المهام، يطلّ علينا « يوم المدير العالمي » كوقفة تأملية نُعيد فيها تعريف الإدارة من جديد بخيارات واعية لديها بصيرة الإدراك بالعمل ونتائجه فالإدارة ليست موقعًا في الهيكل، ولا سلطةً في القرار، بل هي رسالةٌ إنسانيةٌ ومسؤوليةٌ أخلاقية، يحمل صاحبها سراجًا يضيء دروب العمل بالقدوة والإلهام وفي القلوب معنى القيادة الحقيقية التي تُترجم القيم إلى ممارسات، والرؤية إلى واقعٍ يُصنع بخطواتٍ مليئة بالعطاء. تتطلع إلى الميزان العدل التوازن بين العقل والقلب قيادةٌ ترى في الخطأ استدراك ومراجعة وتأني وفي النجاح ثمرة جهدٍ مشتركٍ وعمل فريق لا مجدٍ ينسب لفرد ، تحوّل الأهداف إلى واقعٍ ينظر إلى المستقبل كحاضرٍ يُبنى اليوم وفي كلِّ يومٍ وفي كلِّ منظَّمةٍ حيث تعتلي الإدارةُ بوعيها وسَداد رأيها، تُقيمُ أُسُسَ ذلك البناءِ وتُوجِّه مسيرتَه نحو قطارَ الرؤية الذي يمتد ليحرك عجلة التنمية نحو منظومة الاستدامة، فيولد النجاح الذي يمزج الرؤية بالإيمان، والإدارة بالعطاء؛ نجاحٌ يُقاس بالأثر ، ويتجلّى في الممارسات العملية اليومية وصحة العلاقة المهنية بين المدير القائد وفريقه.
فما نراه اليوم من تقدمٍ في شتى المجالات لم يكن ليُكتب لولا بصمات قادةٍ إداريين أيقظوا الهمة ، وصاغوا المبادرة ، وبنوا الإنسان قبل البنيان ، فكانوا القدوة وصُنّاع الأثر بإدارة موارد إلى إدارة سلوكٍ إنسانيٍّ متكامل متعددة الأبعاد يجمع بين سلوك الفرد ، والفهم الاجتماعي للجماعة، والرؤية الثقافية للمجتمع ليساهم في صناعة القرار الرشيد ، وتتكوّن فرق العمل المتماسكة، وتتحقق الأهداف بكفاءةٍ واستدامة في دلالةٍ عميقةٍ على أن الإنسان هو المحور والغاية، وهو من استخلفه الله في الأرض ليعمرها ويسعى في بنائها.
وكما قيل: “عندما أعدت بناء الإنسان، أعدت بناء العالم أيضًا.”
كلُّ عام وأنتم يامدراء قادة للخير والعطاء ، كل عام وانتم في خير وبخير عادت إليكم الايام وتمَّت لكم الآمال وجعلكم ربي للفضلِ دليلا، وأبعد عنكم الشر فِعلًا أو قِيلا وأدام عليه نعمة القيادة بالإدارة الحكيمة.