مواسم الإعياء


د.لينة بنت حسن عزوز
عن الابتلاءات التي تُمحصنا تمحيصاً شديداً، وتسبر أغوار مسلّماتنا، فنتخذ مِن خلالها وليجةً ننتمي بها إلى سلاسلة الأصفياء العظماء..
عن الابتلاءات التي تقضّ المضاجع، وتهز أوتار الشجن، وتَعيث في الوجدان، فيبتلّ المارّ بها بالأسى حتى يغدو كالعرجون القديم .. _ والله المستعان_
ما الابتلاءات_ ياكرام_؟ إنها نمطٌ يتبلور في معانٍ سحيقة بسليقة خاصة ثخينة، وهي اصطفاءٌ بمعايير استثنائية ليست كمعايير أهل الأرض، فهي تسفر عن الصدق الإيمانيّ وجَودة البنية التحتية للإنسان، و هي وإن كانت تقع غالباً على نسق مزعجٍ متأكسدٍ موحشٍ خشن مخالف لما يروم المرء، لكنها تنخله نخلاً عجيباً، وتسبكه سبكاً متيناً؛ حتى تخرج ثمرات الصبر من أكمامها.. !
إن مواسم الإعياء والابتلاء، وسويعات البكاء والنحيب، ومواطن التضرع والابتهال، هي في حقيقتها نسخٌ جديدةٌ فريدةٌ للذات، رفيعة المستوى، عميقة الفحوى، شيقة النجوى، نتماهى معها لنبدو في كامل زيتنتا وبصيرتنا، حكماء نبلاء رحماء ..!
ربما تقضم منا المحن كثيراً من المسرات، وتهشم جدارن عواطفنا، وتأخذنا إلى مفترق طرق متعددة الاتجاهات، لكننا أبداً ياربنا خاشعين متوكلين، وعلى ناصية الصبر راضين حامدين؛ فألهِمنا عِوضاً وجبراً عن انكساراتنا في هذه الحياة، وضمّد جراحنا أبداً ما امتحنتنا …
إننا حين نقف على عتبة الابتلاء ونغلف قلوبنا بالنمط التعبديّ الذي يحبه الله؛ فإنا نرجوه أن يقول لنا من الأمر يسراً، وأن يتخذ فينا حُسناً، وأن يفتح لنا أبواب الرحمة واللطف فهو بنا وحده حفيّاً…
الحمد لله لامعقب لحكمه، ولا يضيع في ميزان الرحمة صبر تجشمه المبتلى، والحمد لله على السراء والضراء