ا: نوف سالم باناصر
اِخْتَلَفَتِ الآرَاء حول موضوع المقارنة في التربية، سواء في المدرسة أو المنزل، بين الإخوة أو أقرانهم من العائلة أو الأصدقاء. فهناك من يؤيد هذا الأسلوب، وهناك من يعارضه.
المؤيدون – خصوصًا من المعلمين والوالدَيْن – يرون أن مقارنة الطالب أو الطفل بالآخرين قد تكون حافزًا للتفوق وتحقيق الأفضل. فعلى سبيل المثال، المقارنة البناءة بين الإخوة في البيت قد تجعل الجميع يسعى للحصول على تعليم عالي، ويحفزهم على الاجتهاد والتفوق الأكاديمي، مما يرفع من مستوى الأسرة التعليمي والثقافي.
ولكن الواقع يُظهر أن كثيرًا من الطلاب أو الأطفال يشعرون بالضغط أو الإحباط إذا لم تُستخدم المقارنة بحكمة. فليس ذنب الطالب المتفوق أو الأخ الأكبر أنه الأفضل، بل ذنب استخدام المقارنة دون وعي، فقد تؤدي إلى مشاعر الحقد أو الغيرة أو انخفاض الثقة بالنفس.
حتى في المنزل، نجد أن أبناء العائلة الواحدة، الذين نشأوا في ظروف واحدة وحصلوا على نفس الإمكانيات، قد يتأثرون بالمقارنة بطرق مختلفة. فالابن الأكبر غالبًا يُقارن بأحد أقاربه، ويُشجَّع على التميز، أما الابن الثاني فقد يُقارن بأخيه الأكبر، فينشأ أحيانًا وهو يركز على التفوق على الآخر بدل تطوير ذاته.
ومن ناحية إيجابية، عندما تُستخدم المقارنة بشكل بناء وعادل، فإنها تساعد الطفل على التعلم من تجربة الآخرين، وتحفزه على تحسين مستواه دون أن تشعره بأنه “الأقل دائمًا”. كما يمكن أن تعزز روح المنافسة الصحية، خصوصًا في المجال الدراسي، فتظهر نتائج ملموسة مثل اجتهاد جميع الأبناء في الدراسة والحصول على تعليم جيد.
ونجد في قصص القرآن الكريم أعظم العبر، مثل قصة نبي الله يوسف عليه السلام، حين دبّت الغيرة في قلوب إخوته بسبب حب أبيه له، مما أظهر لنا خطر المقارنة والتفضيل الواضح بين الأبناء. ولكن إذا تمّ التعامل مع الأطفال بحكمة، يمكن الاستفادة من المقارنة كحافز للتطوير لا سبب للغضب أو الحقد.
إن المقارنة سلاح ذو حدين؛ قد تكون دافعًا إذا وُجّهت بحكمة، وقد تكون هدّامة إذا استُخدمت دون وعي. لذلك، يجب على المربين والآباء التركيز على تشجيع الطفل ليكون الأفضل من نفسه، مع الاستفادة أحيانًا من المقارنة البناءة في تطوير مهاراته وقدراته.
بعد كل هذه القصص والتجارب، يبقى السؤال مفتوحًا:
هل أنتم مع أم ضد أسلوب المقارنة في التربية؟
