مقالات

حين نغرق في دقائقنا السيئة

أهداب المنديلي

أهداب المنديلي

فن تهدئة الذات أمام التفاصيل الصغيرة

تمرّ بنا في الحياة مواقف صغيرة، تبدو في لحظتها ثقيلة، لكنها في حقيقتها لا تستحق ما نمنحها من انفعالٍ واستنزاف.

مكالمة غير مريحة، كلمة في غير موضعها، نظرة حادّة، أو سوء فهم عابر… دقائق معدودة قد تمتدّ في وعينا لتبتلع يوماً كاملاً من مزاجنا وطاقتنا.

تقول العبارة المتداولة مؤخرًا:

“لم يكن يومك سيئًا، بل كانت خمس عشرة دقيقة سيئة قررت أن تغرق فيها.”

عبارة تختصر فلسفة كاملة في إدارة النفس.

فالأيام ليست كما نراها، بل كما نفسّرها. والموقف لا يكتسب ثقله من حجمه الحقيقي، بل من الطريقة التي نختار أن نتعامل بها معه.

حين نُضخّم التفاصيل، نحول الموقف العابر إلى أزمة متخيلة، ونسمح لمشاعر الغضب أو الإحراج أن تسيطر على وعينا، فنتصرّف وكأن الحياة توقفت عند تلك اللحظة.

كثيرًا ما نمنح الحوادث الصغيرة مساحة أكبر مما تستحق، فنحمّلها نوايا، ونفترض ما لم يُقَل، ونعيش في سيناريوهات لا وجود لها إلا في خيالنا.

وهكذا نفقد البساطة، ونتعب أنفسنا أكثر مما يتعبنا الواقع.

الحكمة لا تعني التبلّد، بل الاتزان.

أن نرى الأشياء في حجمها الحقيقي، وأن ندرك أن بعض الأحداث لا تحتاج سوى إلى التجاهل الهادئ، أو ابتسامة صغيرة تمضي بنا إلى ما هو أهم.

الحياة ليست خالية من المنغّصات، لكنها تصبح أخفّ حين نُتقن فنّ تقزيم الموقف.

جمال اليوم لا يُقاس بغياب المتاعب، بل بقدرتنا على تجاوزها دون أن نغرق فيها.

 

 

ليست كل الأبواب المغلقة “خسارة”… حكمة المنع ولطف العناية الإلهية

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى