فأسرها.. ولم يبدها .


بقلم : نجلاء عمر بصفر
وقد ذكر الله سبحانه وتعالى في محكم تنزيله في سورة يوسف ليعلِّمنا في قوله تعالى:
﴿قَالُوا إِن يَسْرِقْ فَقَدْ سَرَقَ أَخٌ لَّهُ مِن قَبْلُ فَأَسَرَّهَا يُوسُفُ فِي نَفْسِهِ وَلَمْ يُبْدِهَا لَهُمْ قَالَ أَنتُمْ شَرٌّ مَّكَانًا وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا تَصِفُونَ﴾ [يوسف: 77].
وعندما قال يوسف عليه السلام: “أنتم شرٌّ مكانًا”، قالها في نفسه ولم يُصرِّح بها لحكمةٍ إلهيةٍ عظيمة.
من هنا نتعلّم أنّه ليس الكلّ جديرًا بشرف المحاولة أو العتاب، وليس الكلّ جديرًا بشرف الحوار والنقاش أو حتى الجلوس على طاولةٍ واحدة.
هنا، وعند تلك العبارات، لا بدّ أن تنتهي تلك الرحلة الشاقة للعلاقات التي طالما أجهدتنا وأرهقتنا، بل واستنزفتنا ونحن نبرّر ونُثبت دون فائدة.
هنا ينتهي جدل (عاتِبه – واجهه – ما عندك شيء تخاف منه) وغيرها من العبارات التي لا طائل منها لذلك العتاب الموهوم.
فكم من عتابٍ كشف الغطاء!
وكم من إسرارٍ وكتمانٍ كشف الحقائق!
ومن قال إنّ في العتاب والتصريح خيرًا أو نتيجة؟
ومن قال إنّ العتاب صابون القلوب، فهو مخطئ، وإلا لما أسرّها يوسف في نفسه؛ ليعلّمنا الله أنّ الإفصاح في معظمه غير مجدٍ، وفي مجمله، ومع بعض الشخصيات، نتائجه عكسية.
يعلّمنا الله من خلال آياتٍ محكماتٍ ألّا نفصح كثيرًا، ولا نعاتب كثيرًا، وأن ننتقي مَن نعاتب، وأنّ بعض الشخصيات لا يجدي معها العتب ولا المواجهة، فالتجاهل لهم هو خير سبيلٍ للخروج من تلك العلاقات بأقلّ الخسائر النفسية.
ويعلّمنا كيف نعاتب، ومتى يكون العتاب مجديًا، فلله حِكمٌ كثيرة لا تدركها ضآلةُ أبصارنا ولا بصائرنا.
ودمتم بودّ.