قيادة بلطف لاتفقد هيبتها


د.هنيدة بنت نزيه قدوري
القائد اللطيف الحازم في قرارته لا يُغرق نفسه في التفاصيل ويثقل كاهله بالضغوط المستمرة، فهو يهتم بالعمل ويحافظ على الحزم في اتخاذ القرارات، ويؤسس علاقات قوامها الوضوح والشفافية والصراحة المحترمة والمريحة، ويظهر لفريقه الاحترام والتعاطف والاستجابة بلطف عند مناقشة قضايا الأداء والتحديات والصعوبات التي تواجههم، ويحرص على بناء الثقة مع الفريق من خلال الاستماع والإنصات الجيد لآرائهم ومخاوفهم، والتعامل معهم بإنصاف وعدل، كما يقدم تغذية راجعة بناءة ،ويعالج الأخطاء بطريقة تساعد على التعلم والتطور، والاحتفاء بالإنجازات دون اللجوء للعقوبات التقليدية ، وهذا النهج المتوازن الذي يجمع بين المساءلة والتحفيز، يطبق بمرونة وفق الأفراد والمواقف المختلفة التي قد تتطلب درجات متفاوتة من الحزم أو اللطف، كما يتم تعديل نمط القيادة وفقًا لذلك، فيخلق بيئة عمل إيجابية تعزز التعاون والنمو والإنتاجية، وتساهم في تحفيز الفريق وتوجيهه نحو تحقيق الأهداف المشتركة والنتائج المطلوبة وتحسين وتطوير الأداء العام للمؤسسة، وخلاصة كتاب ( الصراحة المباحة- كيف تكون قائدًا عنيفًا ولطيفًا في زمن التغيير الإجباري) تأليف: كيم سكوت ٢٠٢٠ م تؤكد على أن هناك خلطة سرية تفرق بين المدح والمجاملة وبين النقد الواضح والذم القادح بهدف إقامة علاقات إيجابية تعزز الثقة والتواصل الفعال من خلال تطبيق نهج ( الصراحة المباحة أو الصراحة المريحة ) التي يمتزج فيها الاهتمام الإنساني والمواجهة المباشرة .
ولُب استراتيجية الصراحة المباحة هو:
– تقديم التوجيه للعاملين وتلقيه بطريقة تتناسب مع الموقف؛ لتجنب الشخصنة والاعتداء الشخصي فالقائد الذي ينتقد موظفيه بهدف الإهانة والسخرية والتوبيخ يحول التوجيه والنقد إلى سلاح هدم بدلاً من أداة تطوير وبناء، وقد يلجأ بعض القادة إلى استخدام النفاق المخادع بالمدح والمجاملة؛ لعدم مقدرتهم على المواجهة والعزوف عن الجدال، وقد يستخدم البعض التعاطف الهدام؛ لعدم القدرة على النقد البناء وتوضيح الإخفاقات ومستوى الجودة المطلوب، والخوف من إثارة القلق في بيئة العمل مما يعوق تطوير الأداء الفعلي.
– تعامل القائد اللطيف الحازم مع الانتقاد الصريح من فريق العمل وتلقيه بشكل إيجابي ومثمر لكي يكون قدوة لهم، كما يسعى إلى إدارة ” دولاب الإنجاز ” بشكل صحيح معتمدًا على ( الاستماع – التوضيح – المناقشة – اتخاذ القرار – الاقناع – التنفيذ- التعلم ) ثم معاودة الكرة مرة أخرى، وتدريب الفريق على ذلك، وعلى استخدام التصحيح الذاتي والتحسين المستمر ، فهو بذلك يؤسس فريقًا مبهرًا؛ لاعتماده على عقلية (إدارة النمو) لتحقيق النمو الجمعي والاستقلالية والتمكين وتحفيز الإبداع وزيادة الكفاءة وتحقيق التميز والسعادة المؤسسية.