مقالات

13 أكتوبر… يوم للوعي والاستعداد

د.عبدالمعتني المزروعي

د.عبدالمعتني المزروعي

يُحيي العالم في الثالث عشر من أكتوبر 2025 اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث تحت شعار “تمويل الصمود، لا للكوارث” (Fund Resilience, Not Disasters)، في رسالة تؤكد أن الوقاية والاستعداد نهج استراتيجي لحماية الأرواح والمجتمعات والبيئة من تداعيات الكوارث والأزمات مع تزايد المخاطر الطبيعية والتكنولوجية. وقد أقرت الأمم المتحدة هذا اليوم عام 1989 ليكون محطة سنوية لتسليط الضوء على المخاطر التي تواجه البشرية، وتعزيز الجاهزية والتخطيط المسبق، ثم ثبّتته رسميًا عام 2009 في 13 أكتوبر من كل عام ليصبح مناسبة عالمية لترسيخ الصمود المجتمعي والمؤسسي كأحد ركائز التنمية المستدامة.

يعكس شعار هذا العام قناعة دولية متنامية بأن الاستثمار المبكر في الوقاية هو السبيل الأمثل لتقليل الخسائر وتعزيز التعافي، فتمويل الصمود يُعد استثمارًا في المستقبل، لأنه يحد من الأضرار ويُسرّع التعافي ويعزز الثقة المجتمعية والمؤسسية، في حين أن الاعتماد على الاستجابة المتأخرة يُكلف خسائر بشرية ومادية باهظة. وتماشيًا مع ذلك تم تطوير أدوات علمية لقياس مستوى الجاهزية أبرزها مؤشر الصمود (Resilience Index)، الذي تعتمده مؤسسات مثل البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة للحد من مخاطر الكوارث (UNDRR) لتقييم قدرة الدول والمؤسسات على التكيف مع الصدمات وبناء منظومات فعّالة لإدارة الأزمات. وقد تطورت الجهود الدولية من حملات توعوية محدودة إلى أطر عمل استراتيجية مثل إطار هيوغو (2005–2015) وإطار سنداي (2015–2030)، الذي حدد أربع أولويات محورية: فهم المخاطر، تعزيز الحوكمة، الاستثمار في الصمود، وتحسين القدرة على الاستجابة والتعافي.

وتأكيدًا لهذا النهج أصبحت الجاهزية المجتمعية والمؤسسية مسؤولية مشتركة تتطلب تنسيق الجهود وتوحيد الرؤى، من خلال تعزيز التخطيط الوقائي، ودعم المبادرات، وتمكين الشراكات بين مختلف القطاعات لبناء منظومة متكاملة قادرة على الاستجابة السريعة والتعافي المستدام. وانسجامًا مع هذا التوجه، انعكست هذه المبادئ في المملكة العربية السعودية من خلال مبادرات نوعية هدفت إلى تفعيل اليوم الدولي للحد من مخاطر الكوارث، على سبيل المثال لا الحصر، الملتقيات العلمية التي نظمها مركز غيث الدولي للتدريب والاستشارات، المتخصص في إدارة الأزمات والمخاطر والتطوير الإداري للمؤسسات، خلال عامي 2022 و2023، والتي شهدت تفاعلًا واسعًا من الخبراء والمختصين وأسهمت بشكل فعّال في نشر الثقافة المجتمعية. كما أطلق الخبير في إدارة الأزمات والكوارث محمد البكري مبادرة نوعية، وهي عبارة عن بودكاست “جاهزية” يقدم من خلاله محتوى توعويًا يسهم في نقل الدروس المستفادة من التجارب المحلية والعالمية لتعزيز المعرفة المجتمعية بأسلوب جذاب ومميز.

إن تحقيق الصمود لا يتم إلا بتكامل الجهود المؤسسية والمجتمعية، وتحويل المعرفة إلى سلوك يومي واعٍ، وبالاستثمار في الوقاية والتخطيط المبكر يمكن بناء مجتمعات أكثر قدرة على مواجهة المخاطر، على نحو ينسجم مع رؤية المملكة 2030 ويعزز دورها الريادي في دعم التنمية المستدامة وحماية الإنسان والبيئة.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى