مقالات

أنتَ لستَ بطاقة صرّاف

بقلم : نجلاء عمر بصفر

بقلم : نجلاء عمر بصفر

ومن عجائب الكلام ومن عِجاب الأقاويل عبارة جديدة علينا صراحة، وحقيقةً هي غريبة علينا ولكنها غير مستغربة على من يقول: (أنا أصرف الأساسيات)، هي نفس نوعية الذين عندما يطلب أحد الأبناء أو الأم أي مصاريف – وهنا لا نقصد مبالغ كبيرة لقضاء بعض الأمور المهمة – تسمع عبارة مضحكة جداً من البعض: (أنا لستُ بطاقة صرّاف) أو (أنا لست بنكًا).

يا عزيزي أنت أهم من كل بطاقات الدنيا إذا نسيت، فأنت اخترت أن تكون أباً في اليوم الذي فكرت وقررت فيه في الارتباط بالزواج وفكرت فيه في الإنجاب. أنت أب، أنت بطاقة الأمان اللامحدود لأسرتك، وأنت مصدر الإنفاق، وأنت الشخص المهم والذي يحمي الأسرة من أي مشكلات. فإمكانياتك النفسية التي ميزك الله وفضلك بها تسبق إمكانياتك المادية في هذه الأمور، فحتى بطاقات الصرّاف لها تاريخ انتهاء، أما الأب فلا نهاية لتاريخ أبويته حتى بعد مماته، وإلا لما ذكره الله في القرآن وعطف الرحمن اسمه بالوالدين في قوله تعالى:
﴿وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23].

إلى أين؟؟؟ إلى أين أنتم ذاهبون بأفكاركم؟

فأي ضرر قد يُلحق بالأبناء لا يُلقى باللوم فقط فيه على (الأم)، بل عليك أنت أيضاً، لأن التقصير المادي لا يقل أهمية عن التقصير المعنوي والعاطفي، مما يجعل الأبناء عُرضة للانزلاقات الخطِرة في طرقٍ وعِرة تتحمل أنت وزرها بسبب تقصيرك وتقتيرك وشُحك في حقهم. فلا تستهينوا بالكلمات التي تتحول في غياب الإحساس بالمسؤولية إلى أفعال وتقتير.

فأي نوع من الآباء أولئك الذين لا يتلمسون احتياجات أبنائهم ومخاوفهم ومشاعرهم؟ أولئك الذين يحسبون كل صغيرة وكبيرة يصرفونها على أبنائهم!

لا يا عزيزي، أنت مُلزَم ومُكلَّف دون أي نقاش، وقد أعطاك الله حقوقك كاملة في كتابٍ لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ولا من أمامه. الموضوع غير قابل للمقايضات أو الحوارات أو التأويل والتبديل، أمورنا واضحة جلية، وقد أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك في قوله: «كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته، فالرجل في أهله راعٍ ومسؤول عنهم».

فلا تستهينوا في حقوق أبنائكم، وتحسبونه هيِّنًا وهو عند الله عظيم.

 

غياب الظل والفقدان الوجودي في شعر دخيل الخليفة

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى