مقالات

الموظف واسع المدارك في زمن “فوكا”

مي عليان العليان  

مي عليان العليان  

هل سبق أن شعرت أن قواعد اللعبة في عملك تتغير بسرعة، وأن ما تعلمته بالأمس لم يعد ينفع اليوم؟ هذا ليس مجرد انطباع، بل هو وصف دقيق لعالم العمل الحديث الذي يُعرف بمصطلح “فوكا” (VUCA): عالم مليء بالتقلبات والغموض، سريع التغير، ومعقد العلاقات.

في مثل هذا الواقع، الموظف لا يستطيع الاعتماد على ما تعلّمه في بداياته فقط، بل يحتاج إلى اتساع المدارك ليتمكن من فهم المشهد من زوايا متعددة، واستيعاب ما يحدث من حوله، وصياغة استجابات جديدة تواكب التغيرات المتسارعة.

ولكي يصل الموظف إلى هذا الاتساع، عليه أن ينمّي مجموعة من القدرات الجوهرية، مثل:

• التعلم المستمر: لأن المعرفة في زمن فوكا قصيرة العمر، والبقاء مرهون بالقدرة على التحديث المستمر للذات.

• الذكاء العاطفي: لفهم الآخرين وإدارة العلاقات وسط ضبابية المواقف وضغوط العمل.

• القدرة على التكيف: ليس فقط لقبول التغير، بل لتحويله إلى فرصة للنمو.

• التفكير الإبداعي: لإيجاد حلول جديدة عندما تصبح الطرق التقليدية عديمة الجدوى.

• اتخاذ القرار المرن: حيث توازن بين تعدد الاحتمالات وسرعة الاستجابة.

ولعلنا نرى هذا المعنى في بيئات العمل العصرية؛ فكثير من الموظفين ينتقلون بين مهام وأدوار مختلفة داخل مؤسساتهم، من الدعم الفني إلى إدارة المشاريع، ومن التنسيق الإداري إلى المشاركة في فرق الابتكار. هذه التنقلات تضيف إلى رصيدهم خبرات متعددة، وتمنحهم قدرة أكبر على التعامل مع عالم “فوكا” بثقة ومرونة، لأنهم تعلموا أن ينظروا إلى التحديات من أكثر من زاوية.

وهكذا، في زمن فوكا، الموظف العظيم هو من يحوّل اتساع مداركه إلى طاقة عملية تجعله أكثر قدرة على التكيّف، وأكثر استعدادًا للغد الذي لا يمكن التنبؤ به

رشة مشاعر

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى